الصواب.
نعم كانوا يمارسون التقية في الأُمور التي تتعلّق بالسلطان ولا يخالفونه.
روى الصدوق بسند صحيح عن عيسى بن أبي منصور أنّه قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ في اليوم الذي يشك فيه ، فقال : يا غلام اذهب فانظر أصام السلطان أم لا؟ فذهب ثمّ عاد فقال : لا ، فدعا بالغداء فتغدّينا. (١)
وهنا سؤال يطرح نفسه وهو انّه لا يشكّ مَن أمعن في الأخبار المروية عن أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ انّهم كانوا يفتون ـ في بعض الموارد ـ على وفق آراء فقهاء عصرهم تقية مع أنّ الحكم الواقعي لديهم غير ذلك ، فما هو الوجه في الإفتاء بالتقية؟
والجواب : انّ الإفتاء بالتقية لم يكن لأجل الحفاظ على أنفسهم من القتل والتعذيب ، وإنّما كان الغرض صيانة شيعتهم من أن يُعرَّضوا ويُؤخذوا لمخالفتهم الرأي العام في حقل العقيدة والشريعة ، ولما قلناه شواهد كثيرة في تاريخ الحديث والفقه ، نكتفي بهذين الحديثين :
١. روى سلمة بن محرز قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ : إنّ رجلاً مات وأوصى إليّ بتركته وترك ابنته ، قال : فقال لي : «أعطها النصف» ، قال : فأخبرت زرارة بذلك ، فقال لي : اتّقاك إنّما المال لها ، قال : فدخلت عليه بعدُ ، فقلت : أصلحك الله! إنّ أصحابنا زعموا أنّك اتّقيتني فقال : «لا والله ما اتّقيتك ، ولكنّي اتّقيت عليك أن تُضْمن ، فهل علم بذلك أحد؟» قلت : لا ، قال : «فاعطها ما بقي». (٢)
__________________
(١) الوسائل : ٧ ، الباب ٧٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، الحديث ١.
(٢) الوسائل : ١٧ ، الباب ٤ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديث ٣.