٢. روى عبد الله بن محرز بياع القلانس ، قال : أوصى إليّ رجل ، وترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم ، وترك ابنة ، وقال : لي عصبة بالشام ، فسألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن ذلك؟ فقال : «اعط الابنة النصف ، والعصبة النصف الآخر».
فلمّا قدمت الكوفة أخبرت أصحابنا ، فقالوا : اتّقاك ، فأعطيت الابنة النصف الآخر ، ثمّ حججت فلقيت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ فأخبرته بما قال أصحابنا وأخبرته انّي دفعت النصف الآخر إلى الابنة ، فقال : «أحسنت إنّما أفتيتك مخافة العصبة عليك». (١)
إنّ مذهب أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ كان أمراً ذائعاً بين الناس وكان خلافهم مع سائر الفقهاء والمحدّثين في مسائل كثيرة واضحة ، ولذلك لم يكن أيّ ضغط عليهم بالإفصاح بالحقيقة ، نعم الإفتاء على وفق الواقع واجتماع الشيعة على العمل به يورث سوء الظن للسلطة وتقف في وجههم بحجة انّهم بصدد الثورة عليها ، فلذلك كان الإمام يكره اجتماعهم على فكرة واحدة لئلاّ يؤخذوا. نعم البطانة من أصحاب الأئمة كانوا يميزون الحكم الواقعي عن الحكم الصادر تقية ، يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء :
وليس مذهبنا أقل وضوحاً من مذهب الحنفية والشافعية والحنبلية والمالكية والزيدية والناووسية والواقفية والفطحية وغيرهم ، فانّ لكلّ طائفة طريقة مستمرة يتوارثونها صاغراً عن كابر ، بل أهل الملل من عدا المسلمين على بُعد عهدهم عن أنبيائهم الماضين لهم طرائق وسير يمشون فيها على الأثر ولا يصغون إلى إنكار من أنكر. (٢)
__________________
(١) المصدر نفسه ، الباب ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديث ٤.
(٢) كشف الغطاء : ١ / ٢١٥.