فالمصحِّح لصدق الرفع هو متعلّقه في الحديث ـ أعني : ما اضطروا إليه ـ وعلى ذلك فلو اضطرّ إلى ترك الوقوف في عرفات دون المشعر أمكن التمسّك في صحّة العمل بحديث الرفع ، لأنّ العنوان في الحديث الذي تعلّق به الرفع (الاضطرار) أمر وجودي.
٢. صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر الباقر ـ عليهالسلام ـ : «إنّ التقية في كلّ شيء يضطر إليه ابن آدم ، فقد أحلّه الله له». (١)
وجه الدلالة : انّ الإنسان يضطر إلى التكفير وترك الوقوف بعرفة وغير ذلك من الأفعال والتروك الممنوعة شرعاً في عباداته ، فكلّ ذلك أحلّه الله ورفع المنع الثابت فيها لو لا التقية.
وبعبارة أُخرى : المراد بالإحلال رفع المنع السابق ، والرفع في كلّ ممنوع بحسب حاله سواء كان الممنوع حكماً تكليفياً كشرب النبيذ أو الفقاع أو حكماً غيرياً كالتكفير وترك الوقوف بعرفة ، فالمنع في كلا الموردين مرفوع بحكم قوله : أحلّه الله ، وينتج صحّة العمل.
٣. موثّقة سماعة ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «إذا حلف رجل تقية لم يضرّ إذا هو أُكره أو اضطر إليه» وقال : «ليس شيء ممّا حرم الله إلاّ وقد أحلّه الله لمن اضطر إليه». (٢)
وجه الدلالة على صحّة العمل المأتي به اضطراراً ، هو انّ حنث الحلف حرام تكليفاً ووضعاً بمعنى ترتب الكفّارة عليه في حالة الاختيار ، وهذا العمل إذا صدر عن إكراه واضطرار يتجرّد عن كلا الحكمين ، فلا هو حرام تكليفاً ولا وضعاً بمعنى
__________________
(١) الكافي : ٢ / ١٧٥ ، الحديث ١٨ ، باب التقية. ولاحظ الوسائل : ١١ ، الباب ٢٥ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ٢.
(٢) الوسائل : ١٦ ، الباب ١٢ من كتاب الأيمان ، الحديث ١٨.