فقال : «يجب عليهم الخمس» ، فقلت : وفي أي شيء؟ فقال : «في أمتعتهم وصنائعهم» ، قلت : والتاجر عليه ، والصانع بيده؟ فقال : «إذا أمكنهم بعد مئونتهم». (١)
إلى غير ذلك من الأحاديث والأخبار المرويّة عن النبيّ الأكرم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأهل بيته الطاهرين ـ عليهمالسلام ـ التي تدلّ على شمول الخمس لكلّ مكسب.
ثمّ إنّ هنا سؤالاً وهو إذا كان إخراج الخمس من أرباح المكاسب فريضة إلهية فلما ذا كان أمراً متروكاً قبل الصادقين ـ عليهماالسلام ـ؟ فانّ الأخبار الدالة عليه مروية عنهما ـ عليهماالسلام ـ وعمّن بعدهما من الأئمّة ، بل أكثرها مروية عن الإمامين الجواد والهادي ـ عليهماالسلام ـ ، وهما من الأئمة المتأخّرين ، فهل كان هذا الحكم مهجوراً عند الفريقين بعد عصر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إلى عصر الإمام الصادق ـ عليهالسلام ـ؟
والجواب هو انّه قد عرفت تضافر الروايات النبوية على وجوب الخمس في كلّ ما يربح الرجل ويفوز ، وأمّا عدم قيام الخلفاء به فلأجل عدم وقوفهم على هذا التشريع ، كما أنّ عدم قيام النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بهذه المهمة على رءوس الأشهاد لأجل تفشّي الفقر بين المسلمين يوم ذاك ، والناس كانوا حديثي عهد بالإسلام ، وكانت المصلحة تقتضي تأخير إجراء التشريع إلى الأعصار اللاحقة.
وأمّا عصر الصادقين ـ عليهماالسلام ـ الذي ورد فيه بعض الروايات ثمّ وردت تترى إلى عصر الجوادين ـ عليهماالسلام ـ ، فلأجل تكدّس الأموال بين المسلمين ، الأمر الذي اقتضى الإجهار بالحكم ودعوة الشيعة إلى العمل به ، وإلاّ فأصل تشريع الخمس كان في عصر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كما عرفت.
__________________
(١) المصدر نفسه ، الحديث ٣.