هذه الآية تدلّ على عصمة من أمر الله بطاعتهم ولا تحدد مصداق المعصوم الواجب طاعته ، ولكن اتّفقت الأُمّة على عدم عصمة غير النبي والأئمّة الاثني عشر ، فلا محيص عن انطباقه عليهم لئلاّ تخلو الآية عن المصداق.
وممّن صرّح بدلالة الآية على العصمة الإمام الرازي في تفسيره ويطيب لي أن أذكر نصّه حتى يمعن فيه من يعشق الحقيقة قال :
«إنّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع ، لا بدّ وأن يكون معصوماً عن الخطأ ، إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته ، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأ منهيٌ عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وأنّه محال فثبت أنّ الله تعالى أمر بطاعة أُولي الأمر على سبيل الجزم وثبت أنّ كلّ من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ ، فثبت قطعاً أنّ أُولي الأمر المذكور في هذه الآية لا بدّ وأن يكون معصوماً». (١)
وهذه الأدلّة والبراهين على لزوم اتّباع أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ لا تبقي شكّاً لمشكّك ولا جدلاً لمجادل ، ويفرض على المسلمين الرجوع إليهم فيما لا نصّ فيه في كتاب أو سنّة ، ولكن ـ مع الأسف الشديد ـ نجد انّ جماهير أهل السنّة ولجوا كلّ باب إلاّ باب أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ في الأُصول والفروع حتّى بلغ الأمر إلى حد أثار تعجب الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر الأسبق من عدول أهل السنة عنهم ، والتوجه إلى غيرهم ويقول : «فما ندري لما ذا عدل أهل القبلة عن أئمّة أهل البيت
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ١٠ / ١٤٤.