وافترض أداءه نصاً في الذكر الحكيم والفرقان العظيم يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار ، وهو قوله عزّ من قائل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (١)
وقد أجمع أهل القبلة كافّة على أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان يختصّ بسهم من الخمس ويخص أقاربه بسهم آخر منه ، وأنّه لم يَعْهَد بتغيير ذلك إلى أحد حتى قبضه الله إليه وانتقاله إلى الرفيق الأعلى.
فلمّا ولي أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ تأوّل الآية فأسقط سهم النبيّ وسهم ذي القربى بموت النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، ومنع بني هاشم من الخمس ، وجعلهم كغيرهم من يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم.
قال الزمخشري : وعن ابن عباس : الخمس على ستّة أسهم : لله ولرسوله ، سهمان ، وسهم لأقاربه حتى قبض ، فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة ، وكذلك روي عن عمر ومن بعده من الخلفاء قال : وروي أنّ أبا بكر منع بني هاشم الخمس. (٢)
وقد أرسلت فاطمة ـ عليهاالسلام ـ تسأله ميراثها من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفّيت ، وعاشت بعد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر ،
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) الكشاف : ٢ / ١٢٦.