إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ المراد من الحجّة في المقام هو ما يحتج به المولى على العبد ، والعبد على المولى ولها آثار منها :
١. التنجز عند الإصابة ، ٢. التعذير عند المخالفة ، وهما من آثار ما علم كونه حجّة بالفعل ، وإلاّ فلو كان حجّة في الواقع ولم يقف المكلف على كونه كذلك لا يترتب عليه شيء من الأثر ، لأنّ العقل حاكم بقبح العقاب بلا بيان ، وعند ذلك لو شككنا في حجية شيء فهو ملازم للقطع بعدم الحجية الفعلية ومعه لا يترتّب عليه شيء من آثارها فيكون الأصل في الشك في الحجية عدمها قطعاً ، أي عدم صحّة الاحتجاج وترتب الآثار.
وبعبارة أُخرى : انّ معنى حجّية الظن هو صحة اسناد مؤدّاه إلى الله سبحانه ، والاستناد إليه في مقام العمل ، فإذا كان هذا معنى الحجّية فلا شكّ انّه مرتب على العلم بحجيّة الشيء بأن يقوم دليل قطعي على حجّية الظن ، من كتاب أو سنّة ، فعند ذلك يوصف الظن بالتنجيز أو التعذير ، ويصح إسناد مؤدّاه إلى الله سبحانه ، كما يصحّ الاستناد إليه في مقام الامتثال والعمل.
وأمّا إذا لم يقم الدليل القطعي على حجّية الظن ، بل صار مظنونَ الحجّية أو محتملها فلا يترتب عليه الأثران الأوّلان : التنجز والتعذير ، لأنّ العقل إنّما يحكم بتنجيز الواقع إذا كان هناك بيان من الشارع وإلاّ فيستقل بقبح العقاب بلا بيان والمفروض انّه لم يثبت كون الظن بياناً للحكم الشرعي ، إذ لم يصل بيان من الشارع على حجّية الظن ، كما أنّه لا يعد المكلف العاملُ بالظن معذوراً إذا خالف الواقع إذا لم يدعمه دليل قطعي.
فخرجنا بتلك النتيجة : انّ الحجية بمعنى التنجيز والتعذير من آثار معلوم الحجّية لا مظنونها ولا محتملها ، هذه هي الضابطة في مطلق الظن.