وقال السيد المرتضى : إنّ حديث معاذ خبر واحد وبمثله لا تثبت الأُصول المعلومة ، ولو ثبتت بأخبار الآحاد لم يجز ثبوتها بمثل خبر معاذ ، لأنّ رُواته مجهولون. وقيل : رواه جماعة من أصحاب معاذ ولم يُذكَروا. (١)
وفي عون المعبود : وهذا الحديث أورده الجوزقاني في «الموضوعات» وقال : هذا حديث باطل ، رواه جماعة عن شعبة ، وقد تصفحت هذا الحديث في أسانيد الكبار والصغار ، وسألت من لقيتُه من أهل العلم بالنقل عنه فلم أجد له طريقاً غير هذا ، ـ إلى أن قال : ـ فإن قيل انّ الفقهاء قاطبة أوردوه واعتمدوا عليه قيل هذا طريقه والخلف قلّد السلف. (٢)
وأمّا الدلالة ، فانّ الاستدلال بالحديث على حجّية القياس لا يخلو من غرابة.
أمّا أوّلاً : فلأنّها مبنية على مساواة الاجتهاد بالقياس ، بل المراد به هو الاجتهاد في كتاب الله وسنّة رسوله حتّى يتوصل إلى حكم الله عن طريقهما ، لأنّ الأحكام على قسمين قسم موجود في ظواهر الكتاب والسنّة لا يحتاج إلى بذل الجهد ، بل يعرفه كلّ من يعرف اللغة ، وقسم منه غير موجود في ظواهره لكن يمكن التوصل إليها عن طريقهما بالتدبر فيهما.
وهذا هو الاجتهاد الدارج بين العلماء ، وأين هذا من القياس الذي ورد فيه النص على حكم الأصل دون الفرع ، والقائس يبذل جهده ، ليجد فيهما التشابه ، حتّى يسري حكم الأصل إلى الفرع.
قال المرتضى : ولا يُنكر أن يكون معنى قوله : «أجتهد رأيي» أي أجتهد
__________________
(١) الذريعة إلى أُصول الشريعة : ٢ / ٧٧٣.
(٢) عون المعبود شرح سنن أبي داود : ٩ / ٥١٠.