وستوافيك نصوص المخالفين واستدلالهم على عدم صحّته ، وقد اشتهر بين المحدّثين قول الإمام عليّ ـ عليهالسلام ـ بأنّه لو كان الدين بالقياس لكان باطن الخُفّ أولى بالمسح من ظاهره.
وقد روي عن ابن مسعود أنّه قال : إذا قلتم في دينكم بالقياس ، أحللتم كثيراً مما حرّم الله وحرمتم كثيراً ممّا حلل الله. (١)
وقال ابن عباس : إياكم والمقاييس فإنّما عبدت الشمس والقمر بالمقاييس. (٢)
إلى غير ذلك من الآثار المروية عن الصحابة والتابعين وقد نقلها ابن قيم الجوزية في «اعلام الموقعين» ، وابن حزم في كتاب «إبطال القياس» ومع هذه النقول عن الصحابة ، كيف يمكن أن نعتمد على مثل هذا الإجماع؟! (٣)
وقد شاع بين التابعين نقد أدلّة القائلين بالقياس ، بأنّ أوّل من قاس هو إبليس إذ قاس نفسه بآدم ، وقال : خلقتني من نار وخلقته من طين.
والحاصل لم يكن هناك إجماع من الصحابة على العمل بالقياس ، ولو كان هناك شيء فإنّما هو كقضية جزئية لا تكون سنداً للقاعدة. على أنَّ قول الصحابي ليس بحجّة ما لم يعلم استناده إلى الرسول ، فكيف يكون فعله حجّة؟ وستوافيك نصوص من الصحابة والتابعين على نفي القياس.
قال ابن حزم : أين وجدتم هذا الإجماع؟ وقد علمتم أنّ الصحابة أُلوف لا تحفظ الفتيا عنهم في أشخاص المسائل إلاّ عن مائة ونيّف وثلاثين نفراً منهم سبعة مكثرون ، وثلاثة عشر نفساً متوسطون ، والباقون مقلّون جدّاً تروى عنهم
__________________
(١) الإحكام : ٣ / ٨٣.
(٢) الإحكام : ٣ / ٨٣.
(٣) أُصول الفقه للمظفر : ٢ / ١٧٢.