المسألة والمسألتان حاشا المسائل التي تيقن إجماعهم عليها ، كالصلوات وصوم رمضان فأين الإجماع على القول؟! (١)
عمل الصحابة بالرأي
وربّما يتمسّك بأنّ الصحابة كانوا يفتون بالرأي وقد شاع بينهم «هذا رأي فلان» في الكلالة ، أو «بيع أُمّهات الأولاد» وليس الرأي إلاّ الإفتاء بالقياس.
وقد روي عن أبي بكر في الكلالة أنّه قال : أقول فيها برأيي ، فإن يكون صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه. (٢)
وقد روي أيضاً عنه انّه حكم بالرأي في التسوية في العطاء حتّى قيل له : كيف تجعل من ترك دياره وأمواله وهاجر إلى رسول الله كمن دخل في الإسلام كرهاً؟ فقال أبو بكر : إنّما أسلموا لله وأُجورهم على الله ، وإنّما الدنيا بلاغ ، وحيث انتهت النوبة إلى عمر فرّق بينهما. (٣)
كما روي عن عمر أنّه قال : أقضي في الجد برأيي وأقول فيه برأيي. (٤)
وقال ابن مسعود : سأقول فيها بجهد رأيي ، فإن كان صواباً فمن الله وحده ، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريء. (٥)
يلاحظ عليه : لا شكّ أنّ بعض الصحابة كانوا يفتون بالرأي ، ولكن لم يكن الرأي مساوقاً للعمل بالقياس بل لعلّهم اعتمدوا فيها على ضرب من الاستدلال والتأمّل ، ولو كان ديدنهم في الإفتاء في غير ما نصّ عليه على القياس ، لبان وارتفع الخلاف. ويتّضح ذلك ممّا يذكره الشيخ المظفّر في المقام قائلاً :
__________________
(١) إبطال القياس : ١٩.
(٢) روضة الناظر : ١٤٨.
(٣) الإحكام : ٣ / ٨١.
(٤) الإحكام : ٣ / ٨١.
(٥) المحلى : ١ / ٦١.