ومنه يظهر انّ الحديث لا صلة له بالمقام ، فإنّ المراد ما رآه المسلمون حسناً أي ما اتّفقت عليه عقولهم لا رأي واحد منهم.
الاستدلال بالإجماع
وربما يستدلّ بإجماع الأُمّة واستحسانهم دخول الحمام وشرب الماء بأيدي السقّائين من غير تقدير لزمان المكث وتقدير الماء والأُجرة.
يلاحظ عليه : أنّه إذا جرت السيرة على هذا فهي حجّة إذا استمرت إلى عصر المعصوم حتّى يقع موقع التقرير وإلاّ فليست السيرة حجّة في مقابل الأدلة الشرعية ، حيث إنّ الجهل في المعاملة مرفوض شرعاً إلاّ ما جرت السيرة المستمرة عليه بالشرط المذكور.
بقي هنا أمر :
ربما يُمثّل بالاستحسان بالموارد التالية ويدعى انّ النبي الأعظم أفتى فيها به دون الوحي وانّه كان يجتهد كسائر الناس :
أ. نهى رسول الله عن بيع المعدوم ، ورخّص في السلم.
ب. نهى رسول الله عن بيع الرطب باليابس ، ورخّص في العرايا.
ج. نهى رسول الله عن أن يخضد شجر مكة وأن يختلى خلاها ورخّص في الإذخر.
يلاحظ على المثال الأوّل : أنّه لم يرد على لسان الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قوله : نهى رسول الله عن بيع المعدوم ، وإنّما الوارد قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا تبع ما ليس عندك» (١) وهو ناظر إلى بيع المبيع الشخصي الذي هو تحت يد الغير ، فما لم يتملّكه البائع لا حق له في بيعه ،
__________________
(١) لاحظ بلوغ المرام : ١٦٢ ، الحديث ٨٢٠.