والعجب انّ الشاطبي يجعل الأمر بحب الصحابة دليلاً على حجّية آرائهم ومذاهبهم ـ مضافاً إلى حجّية أقوالهم عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ـ فلما ذا لم يأخذ شيئاً من أقوال أئمّة أهل البيت وآرائهم ومذاهبهم؟! مع تضافر النصوص على لزوم حبهم ، قال سبحانه : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). (١)
وأمّا النصوص فنقتصر من الكثير بالقليل :
١. «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحب إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، ويكون أهلي أحبّ إليه من أهله».
٢. «إنّ لكلّ نبيّ عصبة ينتمون إليها إلاّ ولد فاطمة فأنا وليّهم وأنا عصبتهم وهم عترتي خلقوا من طينتي ، ويل للمكذبين بفضلهم ، من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله».
٣. انّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أخذ بيد حسن وحسين ، وقال : «من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأُمهما كان معي في درجتي يوم القيامة». (٢)
أيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟
قد عرفت منزلة مذهب الصحابي ورأيه تحليلاً ونقداً ، وتبيّن انّ قول الصحابي إنّما يكون حجّة إذا أسنده إلى النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وأمّا لو وقف ولم يسنده ، أو تبيّن انّه رأيه ومذهبه وسنّته فلا قيمة له في عالم الاعتبار ، ومع ذلك عرفت إصرار الشاطبي ومن لفّ لفّه على لزوم الأخذ بآرائهم ومذاهبهم وإن كان نتيجة اجتهادهم واستنباطهم.
وهناك من يوافقه من قدماء القوم.
__________________
(١) الشورى : ٢٣.
(٢) لاحظ للوقوف على هذه الأحاديث ونظائرها الكثيرة ، كتاب كنز العمال : ج ١٠ و ١٢ و ١٣.