حجّة على مخالفيهم ، وإن خالف فيه قوم لما ذكرناه من الدليل. (١)
إنّ اتّفاق أهل المدينة على حكم شرعي ليس بأقوى من إجماع علماء عصر واحد على حكم شرعي ، فكما أنّ الثاني لا يكون حجّة على المجتهد ولا يمكن أن يستدلّ به على الحكم الشرعي ، فهكذا اتّفاق أهل المدينة خاصة انّ عنصر الاتّفاق تم على تقليد بعضهم البعض ، فالاحتجاج بهذا الاتفاق ونسبته إلى الشارع بدعة وإفتاء بما لم يعلم أنّه من دين الله.
نعم لو كان اتفاقهم ملازماً للإصابة خاصة في العصور الأُولى ، فيؤخذ به لحصول العلم ، وأنّى للمجتهد إثبات تلك الملازمة ، أو لو كشف اتّفاقهم عن وجود دليل معتبر وصل إليهم ولم يصل إلينا يمكن أن يحتج به.
وحصيلة البحث : أنّ اتّفاق أهل المدينة أو اتّفاق المصرين : الكوفة والبصرة رهن وجود الملازمة العادية بين الاتّفاق وإصابته للواقع ، أو بين الاتّفاق ووجود دليل معتبر وإلاّ فلا قيمة لاتّفاق غير المعصوم قليلاً كان أو كثيراً.
__________________
(١) الإحكام في أُصول الأحكام : ١ / ٣٠٢ ـ ٣٠٥.