منهم عن المدينة خروجه عنها درجة من علمه وفضله.
وأمّا قولهم : شهدوا آخر حكمه وعلموا ما نسخ ممّا لم ينسخ ، فتمويه فاحش وكذب ظاهر ، بل الخارجون من الصحابة عن المدينة شهدوا من ذلك كالذي شهده المقيم لها منهم سواء ، كعلي وابن مسعود وأنس وغيرهم ، والكذب عار في الدنيا ونار في الآخرة.
فظهر فساد كلّ ما موّهوا به ، وبنوه على هذا الأصل الفاسد ، وأسموه بهذا الأساس المنهار. (١)
كما ردّ عليه الإمام الآمدي أيضاً بقوله : اتّفق الأكثرون على أنّ إجماع أهل المدينة وحدهم لا يكون حجّة على من خالفهم في حالة انعقاد إجماعهم ، خلافاً لمالك ، فإنّه قال : يكون حجّة.
ومن أصحابه من قال : إنّما أراد بذلك ترجيح روايتهم على رواية غيرهم.
ومنهم من قال : أراد به أن يكون إجماعهم أولى ، ولا تمتنع مخالفته.
ومنهم من قال : أراد بذلك أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
والمختار مذهب الأكثرين ، وذلك انّ الأدلّة الدالّة على أنّ الإجماع حجّة ، ليست ناظرة إلى أهل المدينة دون سواهم لا سيما وانّهم لا يشكلون كلّ الأُمة ، فلا يكون إجماعهم حجة.
ثمّ ذكر من نصر مذهب مالك بالنص والعقل ، وذكر من الثاني ثلاثة أوجه ، ثمّ أخذ بالرد على جميع الوجوه ، وخرج بالنتيجة التالية :
لا يكون إجماع أهل الحرمين : مكة والمدينة ، والمصرين : الكوفة والبصرة ،
__________________
(١) الإحكام : ٤ / ٥٨٧٥٨٦. ولكلامه صلة ، فراجع.