تكون الزوجة كارهة للزوج ولا تُطيق عشرته بحيث يؤدي نفورها منه إلى معصية الله في التقصير بحقوق الزوج وقد يخاف الزوج أيضاً أن يقابلها بالإساءة أكثر ممّا تستحقّ ، ففي هذه الحال يجوز لها أن تطلب الطلاق من الزوج وتعوضه عنه بما يرضيه ، كما يجوز له أن يأخذ ما افتدت به نفسها ، وإليه يشير قوله سبحانه : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ...) إلى هنا تمّ تفسير الآية ٢٢٩ ، وإليك تفسير الآية ٢٣٠.
(فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). (١)
ومحصل الآية انّ من طلّق زوجته ثلاث مرات فلا تحلّ له حتّى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً ، ثمّ إذا فارقها بموت أو طلاق وانقضت عدّتها جاز للأوّل أن يعقد عليها ثانياً.
ثمّ إنّ للمحلل شروطاً مذكورة في كتب الفقه.
وأمّا الآية الرابعة ، أعني قوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) ، فإنّها واضحة المفهوم.
هذا ما ارتأينا ذكره بشأن تفسير الآيات ، ونرجع الآن إلى صلب البحث وهو حكم الطلاق ثلاثاً ، فنقول :
إذا تعرّفت على مفاد الآية ، فاعلم أنّ الكتاب والسنّة يدلاّن على بطلان الطلاق ثلاثاً ، وأنّه يجب أن يكون الطلاق واحدة بعد الأُخرى ، يتخلّل بينهما رجوع
__________________
(١) البقرة : ٢٣٠.