وقد عزا الطبرسي القول الأوّل إلى أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهماالسلام ـ مع أنّه روى السيد البحراني في تفسير البرهان روايات ست عن أئمّة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ تؤيّد القول الثاني.
وعلى كلّ تقدير فالوجه الثاني والثالث قابل للإجابة ، وأمّا الوجه الأوّل ، فالإجابة عنه واضحة ، وذلك لأنّ التسريح في الموارد الثلاثة بمعنى الإطلاق وإنّما الاختلاف في المصداق فلا مانع من أن يكون المحقّق له في المقام هو الطلاق وفي الآيتين هو ترك الرجعة والاختلاف في المصداق لا يوجب اختلافاً في المفهوم.
إلى هنا تمّ تفسير قوله سبحانه : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
وإليك تفسير ما بقي من الآية ، أعني قوله : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). (١)
وهذه الفقرة من الآية ناظرة إلى بيان أمرين :
الأوّل : انّه لا يحلّ للزوج أن يأخذ من الزوجة شيئاً ممّا آتاها إذا أراد طلاقها قال سبحانه : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) ، وفي آية أُخرى (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً). (٢)
الثاني : انّه سبحانه استثنى من عدم جواز الأخذ صورة خاصة ، وهي أنّ
__________________
(١) البقرة : ٢٢٩.
(٢) النساء : ٢٠.