انّ التمسّك بالإطلاق رهن شروط ثلاثة ، أوّلها : كون المتكلّم في مقام بيان الحيثية التي نحن بصدد استنباط حكمها ، فإذا سكت يتمسّك بالإطلاق ، وأمّا إذا لم يكن في مقام بيان تلك الحيثية ، فلا يصحّ التمسّك بالإطلاق ، وهذه الآيات من هذا القبيل فانّها في مقام بيان أُمور أُخرى ، فالأولى منها في مقام بيان كون المطلقة محرمة أبداً حتّى تنكح زوجاً غيره ، والثانية في مقام بيان حكم المطلقة قبل المس ومثلها الثالثة والرابعة في مقام بيان انّ للمطلقة حقّاً خاصاً باسم المتاع ، فأين هذه الموضوعات من تجويز الطلاق ثلاثاً.
والحقّ انّ إغلاق باب الاجتهاد من أواسط القرن السابع إلى يومنا هذا صار سبباً لتدهور الاستنباط ، وإلاّ فلا يخفى ضعف هذا النوع من الاستدلال على المستنبط الملمّ بالأُصول.
الاستدلال بالسنّة
استدلّ القائل بصحّة الطلاق ثلاثاً في مجلس واحد بالسنّة :
١. خبر فاطمة بنت قيس
روى ابن حزم من طريق يحيى بن أبي كثير : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أنّ فاطمة بنت قيس أخبرته انّ زوجَها ابن حفص بن المغيرة المخزومي طلّقها ثلاثاً ، ثمّ انطلق إلى اليمن ، فانطلق خالد بن الوليد في نفر فأتوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في بيت ميمونة أُمّ المؤمنين فقالوا : انّ ابن حفص طلّق امرأته ثلاثاً فهل لها من نفقة؟ فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «ليس لها نفقة ، وعليها العدّة». (١)
__________________
(١) المحلى : ١٠ / ١٧٢.