الاستدلال بالإجماع
استدلّ القائل بالصحّة بالإجماع وانّ الطلاق الوارد في الكتاب منسوخ ، فقال العيني في «عمدة القارئ» :
فإن قلت : ما وجه هذا النسخ وعمر لا ينسخ؟ وكيف يكون النسخ بعد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ؟
قلت : لما خاطب عمر الصحابة بذلك فلم يقع إنكار صار إجماعاً ، والنسخ بالإجماع جوّزه بعض مشايخنا بطريق أنّ الإجماع موجب علم اليقين كالنصّ ، فيجوز أن يثبت النسخ به ، والإجماع في كونه حجّة أقوى من الخبر المشهور ، فإذا كان النسخ جائزاً بالخبر المشهور فجوازه بالإجماع أولى.
فإن قلت : هذا إجماع على النسخ من تلقاء أنفسهم ، فلا يجوز ذلك في حقّهم.
قلت : يحتمل أن يكون ظهر لهم نصّ أوجب النسخ ، ولم ينقل إلينا ذلك. (١)
يلاحظ عليه : كيف يدّعي الإجماع وقد تواتر النصّ على أنّه كان على عهد رسول الله وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحداً ، ومع ذلك كيف يدّعي الإجماع مع تحقّق الخلاف في المسألة وذهاب كثير من الصحابة والتابعين إلى عدم صحّة الطلاق ثلاثاً؟!
وأمّا التمسّك بسكوت الناس ، فهو لا يكشف عن وجود نصّ يدلّ على النسخ ، إذ لو كان هناك نص لأظهروه ، ويصل من السلف إلى الخلف قطعاً ، لأنّ المسألة ممّا يعمّ بها الابتلاء.
__________________
(١) عمدة القارئ : ٢٠ / ٢٢٢.