والعمل بالرأي أمر آخر ، ولكن الطائفة الثانية كانت تنبذ النص وتعمل بالرأي ، وما روي عن الخليفة في هذه المسألة ، من هذا القبيل. وإن كنتَ في ريب من ذلك ، فنحن نتلو عليك ما وقفنا عليه :
١. روى مسلم عن طاوس عن ابن عباس ، قال : كان الطلاق على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر : طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم. (١)
٢. وروى مسلم عن ابن طاوس عن أبيه : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم انّما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأبي بكر وثلاثاً من (خلافة) عمر؟ فقال : نعم. (٢)
٣. وروى مسلم عن طاوس أيضاً : أنّ أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله وأبي بكر واحدة؟ قال : قد كان ذلك فلمّا كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق فأجازه عليهم. (٣)
وربما يقال : انّ هذه الرواية تخالف ما روي عن ابن عباس أنّه أفتى بوقوع الثلاث. قال أحمد بن حنبل : كلّ أصحاب ابن عباس رووا عنه خلاف ما رواه طاوس في هذه المسألة ، أعني بهم : سعيد بن جبير ومجاهد ونافع.
قال أبو داود في سننه : صار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح ، قال : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس انّ ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثاً فكلّهم ، قال :
__________________
(١) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٤ باب الطلاق الثلاث ، الحديث ٣١. التتايع : بمعنى التتابع في الشر.
(٢) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٤ باب الطلاق الثلاث ، الحديث ٣١. التتايع : بمعنى التتابع في الشر.
(٣) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٤ باب الطلاق الثلاث ، الحديث ٣١. التتايع : بمعنى التتابع في الشر.