.................................................................................................
______________________________________________________
وقال في بحث إزالة النجاسة عن المسجد (١) : إنّ الأمر بإزالتها عن المسجد يقتضي بطلان الصلاة لو اشتغل بها حينئذٍ ، لأنّ النهي عن الكلّ لا يتحقّق إلّا بترك الخصوصيات بل المقصود منه نهي الخصوصيات ، ولهذا قيل : إنّ النهي عن الكلّي عامّ وقولهم : إنّ الّذي يقتضيه الأمر بالإزالة إنّما هو النهي عن الكفّ عن الشيء والكفّ عن الأمر العامّ غير متوقّف على الامور الخاصّة حتى يكون شيء منها متعلّق النهي وإن كان الضدّ العامّ لا يتقوّم إلّا بالأضداد الخاصّة لإمكان الكفّ عن الأمر الكلّي من حيث هو غير جيّد ، لأنّه على تقدير الإمكان ليس ذلك بمطلوب بل المطلوب الاجتناب عن الخصوصيات كما هو الشأن في سائر المنهيّات كالزنا ونحوه ، ومعلوم عدم التحقّق إلّا في ضمن الخصوصيات وهذا ظاهر مسلّم مفروض.
وقولهم : إنّ الأمر بالكلّي ليس أمراً بشيء من جزئياته وإن توقّف عليها من باب المقدّمة ووجوبه من هذا الباب ليس من نفس الأمر فيه أن ليس هناك غرض متعلّق بأنّه من نفس الأمر فقط أو منه مع شيء آخر. والنقض بما إذا قال الشارع : أوجبت عليك الأمرين مع ضيق أحدهما وسعة الآخر وأنّك إن قدّمت المضيق امتثلت بغير إثم وإن عكست امتثلت معه ، فالجواب عنه أنّا لا نسلّم وقوع مثل ذلك ، وبعد وقوعه نقول بالصحّة لمكان النصّ ولا يلزم منه الصحّة مع عدم النصّ مع إمكان التخلّص من المحذور بحمل الأمر على وقتٍ لا يجتمع مع النهي لظهوره ، وأيضاً يلزم بمثل ذلك صحّة كون الشيء مأموراً به ومهنيّاً عنه كأن يقول : أوجبت عليك الصلاة وحرّمتها عليك في الدار المغصوبة ولكن إن فعلتها فيها امتثلت مع الإثم وإن فعلتها في غيرها امتثلت بدونه.
وأمّا النقض بصحّة مناسك منى يوم النحر لو خالف الترتيب فلا نسلّم صحّتها كذلك أو ذلك محمول على عدم تحريم الموسع في وقت فعله أو بعدم المنافاة كما بين الحلق والذبح أو لإمكان توكيله في غيره أو أنّ ذلك ليس بعبادة محضة فلا يضرّ النهي فلا يرد نقضاً ، فتأمّل ، انتهى كلامه رحمهالله تعالى ، فليتأمّل فيه.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : تطهير المساجد ج ١ ص ٣٢٥ ٣٢٧.