ثم قدم بغداد فقرأ بها القرآن الكريم على البارع أبي عبد الله ابن الدّبّاس ، وعلى أبي بكر المزرفي ، وعلى أبي محمد ابن بنت الشّيخ أبي منصور الخيّاط ، وعلى دعوان بن عليّ الجبّائي ، وعلى أبي الدّلف الزّاهد. وتفقه بها على أسعد بن أبي نصر الميهني. وأخذ الأصول عن أبي الفتح بن برهان. وسمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين ، والبارع ابن الدّبّاس ، وأبي بكر المزرفي ، وأبي البركات ابن البخاري ، وأبي بكر بن حبيب العامري ، وإسماعيل ابن السّمرقندي وغيرهم. وصار إلى واسط وأقام بها مدة يتفقه على القاضي أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي ، وبه تخرّج ، وسمع منه أيضا الحديث.
ثم عاد إلى الموصل ودرّس بها الفقه في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة ، ثم خرج إلى الشّام ، وأقام بحلب مدة يدرّس الفقه. ودخل دمشق في سنة تسع وأربعين وخمس مئة ودرّس بها في الزّاوية الغربية من جامعها. وتولّى القضاء بها في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة إلى أن أضرّ فتوفّر على التّدريس والتّعليم ، وانتفع به خلق كثير وتفقهوا عليه. وحدّث بدمشق.
وذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في تاريخها وأثنى عليه. وقدم بغداد رسولا من أمراء الشام غير مرّة ، وحدّث بها وسمع منه بها القاضي عمر بن عليّ القرشي وغيره. وكتب إلينا بالإجازة من دمشق.
أخبرنا القاضي أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله الشّافعي في كتابه إلينا ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءة عليه ببغداد ، قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، قال (١) : حدثنا محمد بن مسلمة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : حدثنا حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب ، عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار
__________________
(١) الغيلانيات (١١٢٨).