لتذكيتهم كالببوش باسم الله والله أكبر ، فقال الأمير صدق المزاري معلنا ، فقولوها والنصر لنا.
وكان آغة المزاري راكبا على فرسه الأشهب الطويل الوافي ، وقدور بالمخفي على فرسه الأشقر الخلافي وقدور بالصحراوي على فرسه الأدهم الحلافي ، بهذا حدّثني بعض من حضر وهو البرادعي ابن عتّ الزمالي ، هو ممّن يوثق به في أفعاله والأقوالي (كذا) ، ثم أمر آغته بالإعلان ، على مخزنه وهم الدواير والزمالة والغرابة والبرجية واندرج فيهم بنوا شقران ، وهجم على محلة أبي حمار وساعده قدور بالمخفي في الهجوم واتبعهما المخزن إلى أن أثخنوا في تلك القوم إثخانا كبيرا ، وزادوا في الحملة بالهيجان زيدا (كذا) كثيرا ، فلم يك (كذا) غير ساعة إلّا وأبو حمار قد انهز بجيشه وولّى الأدبار ، وركب المخزن ظهورهم وهم في حالة الفرار ، وصار يقتل ويأسر (كذا) ويسبى ، ويأخذ ما شاءه فيهم من النهبى (كذا) إلى أن أخذهم أخذة جليلة ، وقتل منهم كثيرا قتلة جميلة ، فلا ترى إلّا رؤوس جيش أبي حمار أكواما عديدة بين يدي الأمير ، وهو فارح بالمخزن الفرح الكثير ، وغفل عن جيشه من العسكر والخيالة والمطاوعة ، ولا ترى إلا بصره شاخصا بنظر المودة البالغة نحو المخزن بنظر المساطعة ، وبعث سناجيقه ونواغره وغوائطه وطبوله زاعقة بالضرب وإطراب النّغم باللحن الوافر للقاء المزاري بمخزنه ، واشتد عضد الأمير من بعد وهنه ، وقال الآن صحت وصية والدي ، وتحققتها بقلبي وجوارحي وموالدي.
قال : وكان آغة المزاري في حالة القتال يقول لقدور بالمخفي لمّا رآه يجول في وسط جيش العدوّ وكأنه الأسد الهايج ، يا أخي وابن أخي ورفيقي هكذا نريد منك أن تكون سلعتنا هي الرايج ، فأنت لها أهلا ، ومرحبا بفعلك وسهلا ، فلقد أطلت لنا الرقاب ، في نطقك حضرة الأمير بالصواب وأعليت لنا الرؤوس بالعمايم ، بفعلك في العدو لقطع الجماجم ، فلا ريب أنّ الدرة من الجوهرة ، والورقة من الشجرة ، والتمر من النخلة ، والعسل من النحلة ، واقتحام الحروب حال التزاحف إنما يكون للشجعان ، والفرار من العدو وعند الملاقة أو الرؤية إنما يكون للجبان.