ولمّا جاء الأمر إلى الجنرال ترزيل بالدخول لافرانسا بالتصديق ، وذلك في ثاني عشر جليت (كذا) من السنة المسطورة بالتحقيق ، طلب منه المخزن من الدوائر والزمالة أن يجعل لهم بايا يكونون تحت أمره ونهيه بالحسن ، لكون من عليهما الاعتماد غائبين من المخزن ، وهما الحاج المزاري فإنه آغة الأمير بالمعسكر ، وعمه مصطفى بن إسماعيل فإنه بتلمسان في حكم الأمير أيضا بالمشتهر ، فجعل لهم إبراهيم أبا شناق التركي بغير المنن ، لأنه كان مستقرا بمستغانيم وقت ذهاب الباي حسن ، فذهب الجنرال ترزيل وجاء بمحلّه دارلانج (٢٠٧) جنرالا بوهران ، واستقرّ بها للغزو بغاية ما كان ، ولما رأى الأمير النصر له في واقعتي الزبوج والمقطع ، ظن أن الظفر له ليس بالمنقطع ، ولم يدر أنّ الدنيا يوم بيوم ، والدهر قاض ما عليه لوم ، جاء بجيشه لوهران حاركا ، وللمكث بقاعدته المعسكر تاركا ، وحين حل بساحتها خرج لقتاله الدواير والزمالة ، لأنهم نازلين بخيامهم تحت سورها رايمين خلف ما فات من واقعة الحمّالة ، وقد أغلقت النصارى أبواب المدينة من ورائهم ، لكون بعض الوشاة المكرهين لأفعالهم وآرائهم ، قالوا لهم أنهم يريدون إدخال جيش الأمير عليكم ، ويكون إتفاق العرب بأجمعهم عليكم ، فقاتلوا وحدهم الأمير بحسب الاستطاعة ، وقاوموه مقاومة العناية لرواج البضاعة ، من أول النهار للعشية ، ورجعوا بأمواتهم ومجاريحهم بالكلية ، ولمّا رأى النصارى ذلك خرجوا بالمدافع ، وتيقنوا أن تلك شيطنة المخابع ، فقاتلوا معهم بقية اليوم ، والمخزن معهم كأنّه الطيور الحائمة على البوم ، ورجع الأمير لمحلّه ، واستقر بمكانه لكلّه ، وقد مات من المخزن في ذلك اليوم الشارف ولد خليفة الداير ، ومن الزمالة الحبيب بن شايلة ، وانجرح الحاج الوزاع بن عبد الهادي من فمه برصاصة صائلة ، ومات لمحمد ولد قدور فرسه الأزرق ، وللحاج الجيلاني بن العمري فرسه الأكحل الأسبق ، ولعلي أبي تليليس فرسه الأشهب ، ولبن سعد بالعيشوش فرسه الحماري الأركب ، ومن جيش الأمير ما لا يحصى ، ومن المخزن ما لا به نقصا.
ثم نزل الأمير في ثامن أكتبر (كذا) من تلك السنة بتليلات ، فسمع به أبو
__________________
(٢٠٧) Darlange.