وكانت الإقامة على المخزن بأمر آغة الحاج المزاري وهي اثنا عشر مائة دابة ما بين الخيل والبغال والإبل لحمل المؤنة (كذا) بلا قول لقائل ، وخمسمائة من البقر وأربعون فرسا من عتاق الخيل وصحب معهم من المخزن من يعرف الطريق للسير في النهار واليل (كذا) ولمّا سمع كبراء أنقاد ومن جملتهم أولاد الشيخ بالغماري الذي قتله الأمير شنقا بالمعسكر وهم بقرب تلمسان ، بقدوم المحلّة صحبة المزاري أتوها مسرعين بقصد الإذعان ، ولمّا بلغ الخبر للأمير وهو بالمسيد من بلاد أولاد سليمان ، جمع جيشه من الحشم وبني عامر ومن في سلكهم بالإتقان ، وهجم به من الغد على أنقاد غفلة وهم بالمنصورة ، فحرق خيامهم وقتل كل من اتصل به بالقتلة المقهورة ، ولمّا سمع القرغلان ضرب البارود المترادف بناحية أنقاد الذين في حالة الكروبة ، أدركوهم للإغاثة فأتى الأمير من ورائهم وقتل منهم خمسا وسبعين مقاتلا واجترّ رءوسهم (كذا) وبعثها للمعسكر فعلّقت بالأسوار وتعرف تلك الواقعة بقصّة عوشبة.
ثم بعد ثلاثة أيام دخلت المحلّة / تلمسان ، وخيّمت بديار الحضر منها لانجلائهم لبني ورنيد وبني صميل ولم يبق بها إلا القرغلان ، وكان ذلك في اليوم الرابع عشر من رمضان من السنة العربية المقررة البيان ، الموافق لثالث عشر جانفي سنة ست وثلاثين وثمانمائة وألف بعد ما خرجت في ثامن جانفي تلك السنة من وهران ، وقتل العلامة الأفرد السيد محمد بن مزيان ، صبرا بعد الظفر به بالعيان ، وكان الدخول لتلمسان من غير قتال وجعلوا بها بايا يقال له مصطفى ولد المقلش ، إلا أنه ضعيف الرأي وحكمه في التعش.
ثم خرج المريشال (كذا) بعساكره ومعه الحاج المزاري ومصطفى بن إسماعيل كل منهما بقومه أيضا ، والباي بجيشه من الترك والقرغلان محضا ، وقصدوا الأمير وهو بالجبل الذي بين الصفصيف وعميّر ، ووقع القتال الذريع الذي للأرواح مغيّر ، انجلا فيه الأمر بفرار الأمير وسؤاله للنجات (كذا) بعد ما سبي من جيشه خلق كثير بالثبات.
واختلف مؤرخوا النصارى في عدد المخزن الحاضر لتلك الواقعة فقال بعضهم جملته أربعمائة مقاتل تحت رئاسة المزاري الذي في الحرب بمنزلة