إلى أن أيقنت الناس بالهلاك ، وضبط المخزن برائسه (كذا) نفسه للخلاص من ذلك والسلاك ، فدفع العدو بقدر ما له من الطاقة ، وقد ارتكب في تلك اليلة (كذا) أمورا شاقة ، ومكثت المحلّة بتافنة نحو الشهر إلى أن انقطع عنهم الزاد وقلّ ما بأيديهم لصوابهم ، فصاروا في نصف الشهر الأول قوتهم نصف الأكل وفي النصف الآخر قوتهم ربع الأكل وكذلك لدوابّهم /.
قال باش آغة السيد أحمد ولد قادي في كتابه وكان حاضرا لتلك الواقعة ذات الويل ، ثم رجعوا إلى المحلّة برشقون فمكثوا بها نحو الشهرين منحصرين حتى اضطروا لأكل لحوم الخيل ، وقال بعض مؤرخي النصارى وكان من الحاضرين للواقعة المذكورة ، وصبرت الجيوش على هذا الامتحان الذي به الواقعة المشهورة ، وفي العشية ذهبوا يلتمسون الحشيش في الموضع الذي صار فيه الحرب ، ولذلك حصلت الإقامة بتافنة حيث تكرر العطب ، وصارت الجيوش بعضها يخدم وبعضها يحارب ، وكل يوم هي في الهلاك والذهول المنجارب ، حتى ظننا ليلة من الليالي أننا هلكنا في مواضعنا ، ومن ذهب للحشيش أتى بسرعة للمحلّة ومكثنا بمواضعنا ، ومنع هيجان البحر المراكب من اتيان الزاد وتعاظم الرعد والمطر على العباد ، وضاعت المراكب بزادها ، ووقعت المشاجرة على لحوم الخيل الذين قتلهم العدو أو عطبها وتركها في نفادها وحصل الاذن في قتل خيول المدفع وتفريقة (كذا) لحمها على الجيش ، وضاعت الدواب من قلة الأكل وطالت الشدة على الجيش ، وذلك من خامس عشر إبريل ، إلى عشرين ميب (كذا) بالترتيل. ه (٢١٧).
وبعد هذه الواقعة بشهر وقع بين المخزن والأمير معركتان إحداهما ميمنة تافنة والأخرى ميسرتها تسميان بواقعتي الشباك ، لكون المعركة تقع بينهما على أخذ التبن من الاندر في الشباك ، وفي الرابع عشر من ميب (كذا) جاءهم شيء من الزاد ، وفي تلك المدة كان البعض من جيش الأمير يأتي من وراء فساطيط المخزن ويقول لهم أن نساءكم وأولادكم هم في السجن عند الأمير وما تركتمونه من أموالكم بنجعكم أخذناه وقسمناه بيننا فموتوا جوعا وحسرة لا نال منكم أحد
__________________
(٢١٧) لعله يقصد شهر ماي ١٨٣٦ م.