والمخزن في إرسال الذل والهوان ، وكان المخزن تحت رئاسة مصطفى وابن أخيه المزاري الذين لهما أصل جيد ولهما الحكم من أول الحال إلى آخره بغير التداوي. قال مرطبلي في تاريخه وكان مصطفى في حكمه في شد وحزم ، وضبط وعزم له تحليلات في القتال عظيمة ولم يبلغها إلا قليل من الرجال وله كلمة مسموعة جسيمة ، وكان بطلا معاندا شديد الثبات في القلب ولا يرجع على عدوه إلا بحصول الغلب ، وله توفير وشجاعة كبيرة ولا يفرق بين الموت والحياة وله معرفة كبيرة ، وكان لا يحب الانحصار في دائرة الحفير ، ويقول الفوز والعز يحصل (كذا) بالتقدم للعدو ولا بالتأخير وكذلك ابن أخيه المزاري فإنه مرادفه في الأمور ، ومضاهيه في الأحوال وربما فاقه في بعض الأمور.
قال ولما سمع الجنرال بأن البوحميدي بجيشه ومنه بني عامر ، جاء وكمن بالعين البيضاء بإزاء السبخة الكبيرة في قولة كل عامر ، يقصد ، نهب المواشي ، ولم يعلم أنه سيكون في التلاشي حاله في الرضخة ، وقد كان مصطفى توجه بمخزنه في ذلك اليوم بكرة لناحية الكرمة ورجع على ديخة ، فاجتمع بقوم الغرابة فظهر بهم وقتل منهم واجتز كثيرا من رؤوسهم ويعرف ذلك اليوم بيوم القرناع وأزال لهم ما كان بهم من الطيسة والنفخة ، وكان ذلك في ثالث اكتبر (كذا) من السنة المذكورة بالتحقيق وصار المخزن يمنع العدوّ من المجىء إليه ويدافع عن نفسه وملازم للتصديق ، وفي الثاني والعشرين من الشهر المذكور ، الموافق للخامس والعشرين من شعبان في المسطور ، خرج الجنرال بجيشه ومخزنه غفلة قبل أن يكون الخبر عند خلفاء الأمير وغزى (كذا) على دوار بن يعقوب بن سهيلة الغربي آغة الأمير وهو بجبل المحقن بنواحي جنين مسكين بغرب / مكدرة فوق تليلات ، فأخذ كل ما وجده عنده من السلاح والحلي والقش والدواب وغيرها بغاية الثبات ، وألفى بخيمته مال الأمير وهي اللزمة قدرها اثنا عشر ألف ريال بوجهه وسبا (كذا) المخزن نساءه وحلائل أولاده وكان آغة (كذا) غائبا بالمعسكر لنيل أوراده ولم يشعر العدوّ بالمحلة إلى أن دخلت وهران ، فانتشر الخبر وللناس ظهر وبان وبهذه الواقعة تشجعت (كذا) العساكر وصار للجنرال فسحة في خدمته ودخل الخوف قلوب الأعراش المجاورين لوهران وجلس كل واحد بخيمته. وفي ثامن نوانبر (كذا) من سنة أربعين وثمانمائة وألف الموافق لثالث عشر رمضان من