لهم أنتم مؤمنون وأبناء المؤمنين ورجوعكم للأمير أفضل وأنا أعطيكم بلاد أولاد الزاير وما حاذها بالتحرير ، فوافقه على ذلك عدة أناس وذهبوا معه بخيامهم ، وجميع ما في ملكهم كدوابهم وأغنامهم ، وهم دوار أولاد بو علي والمغان رائمين بزعمهم لخيرهم ، والفراطسة ، وأولاد البهيليل ، والوشاشنة ، والكرادسة ، وغيرهم ، وكلهم دواير بالقولة التي ليست ذات الاستغرابة ، ولما رأى الزمالة ذلك سألوا من خليفة الأمير بالمعسكر أن يدعهم ينزلون بسيق بوسط الغرابة ، وهم قيزة والشوايلية والطوايلية والقدادرة والشماليل والرواونة وغيرهم بالمشتهر ، وكثر الخلاط بين الدواير والزمالة وبين الفرانسيس فغضوا عنهم البصر ، وبعد خدمتهم بالنية والصدق اتهموهم بالكثير ، وصار المخزن يذهب كل يوم فوجا فوجا عند الأمير ، ولما زال ذلك الضرر وأبطلوا عنهم الشك ألفوهم ذهب منهم عند الأمير ستة عشر دوارا من الدواير وسبعة عشر دوارا من الزمالة في قولة الخاير ومن بقي منهم بقي في الرزية الكبيرة الحالة بهم في شدة الأمور وباعوا كسبهم للمعيشة وطال بهم الحصار جملة من الشهور ، وصار المخزن من شدة / الضيق معيشتهم في طبخ الدقيق بالزيت وأكل ما لا يوافقه من أرذل العيش في قصر الصيت ، ولا زالوا على ذلك إلى أن قدم الجنرال لمرسير الذي تسميه العرب أبا هراوة لوهران ، فاستراح المخزن من ضيقه وزال ما به من الضيم والهم والأحزان.
ولما تسمى الجنرال لمرسيار بوهران في عشرين أوت سنة أربعين وثمانمائة وألف ، الموافقة لسنة ست وخمسين ومأتين وألف أمر (كذا) بإبطال محلة البريدية واعتنى بأمر المخزن غاية الاعتناء وأحبه كثيرا وألفاه العمدة في كل شيء ، وصار يمونه بالمقح والشعير والحشيش للدواب وكل ما يفتقر إليه وبالزاد للسّفر ، وأمر العسكر أن يجعل عليه خندقا يمنعه من العدو فكم من مرة دخل عليهم العدوّ في الخندق المحتفر.
ولما رأى المخزن ذلك الاعتناء بهم وحصونهم في العز امتنعوا بعد ذلك من الفرار عند العدوّ ورجع الجنرال يبعث الجواسيس كل ليلة للإتيان بالخبر من كل جهة عل العدو ، والأمير محاصر لوهران بجيوشه من ناحية الغرب والقبلة ، فالبوحميدي بمحلته من جهة الغرب والحاج مصطفى بمحلته من جهة القبلة ، والغرابة في غاية ما يكون من التسلط على وهران ، ولا فرق عندهم بين النصارى