يخرج لغاية بوادي فانسين ويجلس لفصل الدعاوى بين الأقوياء والأغنياء والضعفاء والمساكين ، وصارت معه فرانسا في أطيب عيش ، وإبعاد همّ وطيش.
ثم توجه لتونس بقصد القتال ، وجهز جيشا قدره ستون ألفا للنزال ، ورحل / لها في أول يليل (كذا) باللام سنة سبع وثمانين من السابع (١١٦) ، وقال الحافظ أبو راس سنة ثمان وستين من السابع ، وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا ، وأقوم قيلا ، ومعه أولاده وأخوه وابن أخيه ومواليه ، فلما بلغ أرضها أنزل الجيش من أساطيله وشرع في حصار قرطاجنة (كذا) الكائنة بغرب تونس المدينة ، واشتد بأسهم وحصروا (كذا) تلك المدينة وبها خندقوا ، وبالمسلمين أحدقوا ، وقد أمر السلطان محمد ابن أبي زكرياء الحفصي ممدوح حازم المسلمين بلا منازعة بحمل السلاح وجمع الحشود فامتلأ الساحل بالأجناد والمطاوعة ، حتى أن أهل المغرب الأوسط حضروا ذلك في عسكر ضخم ، وعليهم زيان بن عبد القوي التجيبي (كذا) صاحب تاقدمت رائسا (كذا) في أشد عزم ، فكان المصاف بخرب قرطاجنة (كذا) حيث البحيرة اليوم ، فاشتد القتال وكثر صياح البوم. ثم هجم الفرانسيس على العسكر فأثخنوا فيه بالبيان ، بعد أن قتل منهم نحو الخمسمائة وظنّ المسلمون الظنون وهم السلطان بالرحيل للقيروان ، واستولى النصارى على تلك الخربة ، دون مشقة ولا محنة تضاحيها ، واستقر البعض منهم بها والبعض بنا (كذا) بنواحيها وصار لويز يرتجي قدوم أخيه شارل صاحب صقلية بجيوشه من أقطارها ليزحف إلى تونس بقصد حصارها ، فكان من لطف الله بالمسلمين أن أحاط الوباء بجيش الفرانسويين إلى أن مات منهم خلق كثير وأصاب سلطانهم المرض العسير ، فمكث به اثنين وعشرين يوما ومات والقتال حوما حوما ، وذلك خامس عشرين غشت سنة سبع وثمانين (١١٧) المارة ، بعد ما ملك أربعا وأربعين سنة بالحارة ، ويقال أنّ سبب موته أن السلطان الحفصي دسّ له سيفا مسموما كثير الضّرر ، من سلّه ونظر فيه أثّر فيه سمه نظير الأفاعي التي تقتل بالنظر ، فبعثه له مع رسول بعد أن رصّعه بنفيس اليواقيت والجوهر ، وقال للرسول هذا الطاغية
__________________
(١١٦) يوليو عام ١٢٨٨ م يوافق جمادى الثانية ٦٨٧ ه.
(١١٧) ٢٥ أوت ١٢٨٨ م يوافق ٢٥ رجب ٦٨٧ ه.