وتسليم أنفسكم للمسلمين فتمكن المسلمون من الملك وأخويه وجملة من الأمراء المشهورة فقيدوهم وأرسلوهم إلى قرية المنصورة ، ووقع القتل فيهم كثيرا بالتحرير ، بحيث بلغ ذلك خمسين وقيل سبعين ألفا ما بين جريح وقتيل وأسير ، وبعث بلويز ومن معه إلى دار ابن لقمان فاعتقل بها ووكل به الطوائي صبيح ، وبقي هناك إلى أن فدا (كذا) نفسه ومن معه بتسليم دمياط فأسلمها وذهب صريح ، وكان ذلك سنة سبع وستين وستمائة (١١٣) وقال أبو الفدا وغيره أن ذلك كان سنة ثمان وأربعين وستمائة (١١٤) وربك أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمئاب. وفي هذه الواقعة يقول جمال الدين أبو زكرياء يحيى بن مطروح ، الشاعر بأبيات منها هذه بالشروح :
قل للفرنسيس إذا ما جئته |
|
مقاله صدق عن قول نصيح |
أتيت مصر تبتغي ملكها |
|
تحسب أنّ الزّمر يا طبل ريح |
وكل أصحابك أوردتهم |
|
بحسن تدبيرك بطن الضريح |
وخمسون ألفا لا يرى منهم |
|
غير قتيل أو أسير جريح |
وقل لهم إن أضمروا عودة |
|
لأخذ ثأر أو لقصد صحيح |
دار ابن لقمان على حالها |
|
والقيد باق والطوائي صبيح |
ثم توجه لعكّا مع أربعة آلاف مقاتل ، ومكث بالمشرق نحو الأربع سنين في الحاصل ، ثم أوقع الحرب مرارا مع المسلمين وأصلح أسوار عكّا ويافا وغيرهما من المدن الباقين (كذا) وخلص جميع من كان بمصر أسيرا بالتحريز ، فبلغه خبر موت والدته فركب البحر وتوجّه لباريز ، وذلك سنة سبعين وستمائة (١١٥) بالتبريز ولما بلغ بلده شرع في تأسيس الملك واجتناء العافية ، ودفع المضار وجلب المنافع الوافية وحطّ على الناس من واجب الغرامة وخفض جناحه للضعفاء ، وهو من أهل الزعامة وجعل القوانين النافعة ، وترك الأمور القامعة ، ونصب نفسه للتسوية بين الناس ، وأبعد عن الرعية ما هو من ذات البأس ، وصار
__________________
(١١٣) الموافق ١٢٦٨ ـ ١٢٦٩ م.
(١١٤) الموافق ١٢٦٩ ـ ١٢٧٠ م.
(١١٥) الموافق ١٢٧١ ـ ١٢٧٢ م.