ونحا (كذا) من ديار مصر ثغر دمياط فبلغه بعد أربعة أيام وهو في أشد رباط ، وذلك سنة ست وستين وستمائة (١١٠) في صحيح الأقوال ، فنزل في الزوارق للبر بجيشه ، فألفى المسلمين مستعدين للحرب والقتال ، نازلين بالشواطىء بالخيل والرجال ، ولما رأى ذلك رمى نفسه في الماء وذهب سابحا إلى أن بلغ البر ناجحا ، فتبعه قومه والتحمت ببعضها بعضا الرجال واشتد الحرب / والقتال ، ثم خرج المسلمون من دمياط منهزمين ودخلها لويز التاسع واستولى على جميع ما فيها من أموال بالجيش المتتابع ، وذلك في سابع ينيه (١١١) ، ومكث بها خمسة أشهر ونصفا ، ثم توجّه لمصر وسار لقرية على مرحلتين منها وصفا ، فألفى المسلمين مخيمين بمقربة منها بالعدوة القصوى من النيل ، فاشتغل بعمل رصيف خمسين يوما بلا طائل ، والقتال متكرر وليس بالقليل ، فجاءه رجل من أهل البلد وأظهر له موضعا سهلا للعبور ، على أخذ مال منه فوفاه به بلا تراخ منه ولا فتور. وقطع صنو الملك وهو الكونت دارتوه النيل فورا ، ومعه ألف وأربعمائة وهجموا على المسلمين جورا وألزموهم الفرار إلى أن دخلوا للقرية المذكورة فدخلوا أثرهم من غير انتظار لملكهم وأغلق المسلمون عليهم أبواب القرية المسطورة ، وشرعوا في مقاتلتهم إلى أن قتلوهم عن آخرهم بعد المحاربة سبع ساعات وصار القطع لدابرهم ، وذلك في ثامن فبراير سنة سبع وستين من المذكور (١١٢) ثم اشتد القتال بين لويز والمسلمين إلى أن حلّ بهم الانهزام في النزال ومن الغد تجدّد بين الفريقين القتال ، ودام مدة بين هؤلاء الرجال وجاءت ريح لوجوه المسلمين صيّرتهم في النكال. وكان حاضرا للواقعة القاضي الولي العلامة العزّ بن عبد السلام الشافعي فقال يا ريح خذيهم فانقلبت عليهم شديدة العصف المتتابعي ، فقال الناس الحمد لله الذي أرانا في هذه الأمة رجلا سخّر الله له الريح ورام الطاغية الرجوع لدمياط فالتجأ إلى المنصورية ليستريح ، وإذا بشخص من جيشه توجه للجيوش في الساعة والحين وقال إن السلطان يأمركم بإبطال الحرب
__________________
(١١٠) الموافق ١٢٦٧ ـ ١٢٦٨ م.
(١١١) من عام ١٢٦٨ م ـ الموافق شوال ٦٦٦ ه.
(١١٢) فبراير من عام ١٢٦٩ م والموافق ٦٦٧ ه.