المذكور ، بعد ما ملك أربعة عشر سنة في المسطور. ومن خبره أنه كان ذا شجاعة وكرم ، غير أنه كان سريع الخفة وللرأي غير محتكم فاشتدت الفتنة في أيامه وضاق بالعباد الحال ، فجددت الانقليز المحاربة فجددها معهم بالاستعجال وجهز جيشا فيه ستون ألف مقاتل ، وبادر بالارتحال من غير التفات في ذلك لقول قائل ، وذلك سنة ثلاث وسبعين من المذكور فكان الاجتماع بنواحي بواط وأحاط بها كالحلقة ولما رأى رايس (كذا) الانقليز قوة الجيوش طلب الأمان لدفع المشقة ، فأبى جان وشرع في القتال فكانت الدائرة عليه ووقع في الوبال ، فأخذ أسيرا نادما للرأي يلفا ، وهزم جيشه وقتل منه إحدى عشر ألفا ، فعظم قدره سلطان الجيوش وبعثه لأبيه ، فسجنه وبقي في السجن أربعة أعوام بالتنبيه. وأقامت دولته ابنه شارل للتصرف في الملك ، ليزيل مائة من الحلك. وتشتت عليهم القتال من كل ناحية ، وقامت عليهم أهل كل ضاحية ، ثم حصلت المهادنة بين الانقليز والفرانسيس سنة سبع وسبعين من الثامن بالبيان (١٣١) وألزم الملك جان بعد إخراجه من السجن بدفع الأموال وتسليم بعض الأوطان ، ثم هرب بعد ذلك أحد ولديه المرهونين مما فيه من الهوان / وذلك سنة إحدى وثمانين من السابق ، ولما بلغه الخبر قال الملوك أوفى باللائق فرجع فورا للانقليز وسلّم إليهم نفسه ، وأزال عنه من فرار ولده بخسه ظنا منه أنهم يردونه لمحله ، ولم يدر أنهم يسجنونه بمحلّه ، وقال إذا كانت النية من الأرض منفية فيحق أن توجد في قلوب الملوك ذوي الهمم العلية.
الملك شارل الخامس
وثاني خمسينهم ابنه شارل الخامس الملقب لساج ، ومعناه الحكيم بالأصول والنتاج. تولى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة (١٣٢) وتوفي سنة سبع وتسعين من المسطور ، بعد ما ملك ستة عشر عاما في المشهور. ومن خبره أنه كان من أفاضل الملوك الفرانسوية في صحيح الأقوال ، فشرع من حينه في
__________________
(١٣١) الموافق ١٣٧٥ ـ ١٣٧٦ م.
(١٣٢) الموافق ١٣٧٩ ـ ١٣٨٠ م.