فراركم منه ، وأن هلاككم لا يردّه أحد منكم إن أعرضتم عما نصحتكم به وأنذرتكم ، وأيقنوا يقينا مؤكدا ألا مفخر به ، إن كلام سلطاننا المنصور المحفوظ من الله تعالى وبه مصون ، غير ممكن تغييره لأنه مقدّر والمقدّر لا بد أن يكون. والسلام على من سمع وأطاع ، وبادر بالإذعان وترك كل نزاع. في ذي الحجة عام خمسة وأربعين ومائتين وألف (١٧٦).
ولما نزل المريشال دو برمنت (DE BORMONT) بجيوشه في يوم السبت الثاني والعشرين من ذي الحجة الحرام ، سنة خمس وأربعين ومائتين وألف بغاية المرام ، الموافق لرابع عشر جوان ، سنة ثلاثين وثمانمائة وألف بالبيان ، على مدينة الجزائر حاصرها ، وحصل بينه وبين المسلمين من أهل الجزائر وقبائلها والعربان ، وباي قسنطينة (كذا) وهو الحاج أحمد وباي تيطري وهو أبو مزراق وبرسالي خليفة باي وهران ، كل منهم بجيشه بغاية ما كان. وقد كان الباشا وهو حسين داي سأل منهم الإقدام بجيوشهم كما سأل الإعانة للجهاد من أعيان المرابطين ، ومن له كلمة مقبولة في ذلك الحين ، وكان منهم بعمالة وهران ولي الله القطب العلامة السيد محي الدين ، والد الأمير بالمغرب الأوسط السيد الحاج عبد القادر. وكان عمر هذا الأمير وقت ذاك عشرين سنة بالقول السائر ، القتال الشديد حزما وجزما وعوما ، ودام بين الفريقين عشرين يوما.
ثم حصل الخلل والفلل والفشل في المسلمين ، فتغلّب عليها المريشال بجيشه ودخلها عنوة ضحوة يوم الاثنين بالتعيين في ثالث أو رابع عشر من المحرم الحرام فاتح سنة ست وأربعين ومائتين وألف ، الموافق لخامس جليت سنة ثلاثين وثمانمائة وألف ، وصارت البهجة وهي أم البهاء من حينها تحت حكم الدولة ، وشرعت في التصرف فيها بالأمر والنهي والإقبال والجولة. وإلى ذلك أشار العلامة الماهر ، السيد مسلم الكاتب بن عبد القادر الحميري في رجزه بقوله :
/ ثغر الجزائر به حلّ البلا |
|
فانحلّ عقد النظم منه وخلا |
قد جهّز الأصفر جيشا فاجتمع |
|
وحثّ في السّير حثيث المنتجع |
في نقط ضاد من الفلك نوعا |
|
مختلف في الشكل كي ما صنعا |
__________________
(١٧٦) الموافق جوان ١٨٣٠ م.