ونقل أنّه حتّى إذا أتمّ «القوانين» أصيب من جراء شدّة تعمّقه وتفكره بثقل في سمعه ، وعند ما جيء بكتاب «القوانين» إلى السيّد مهدي بحر العلوم في النجف الأشرف ، وبعد أن رآه وأحاط ببعض مطالبه ومطاويه ، وقبل أن يعرف مصنّفه قال لمن جاء به : يا هذا لقد لاحظت هذا الكتاب ولم أدر لمن هو إلّا أنّ صاحبه قد أصيب ببعض مشاعره لا محالة أم لا بدّ له من آفة تنزل على سمعه أو بصره.
فقيل له : بلى إنّه من تأليفات مولانا الميرزا القمّي ، وقد أصيب بعد فراغه منه بثقل السّامعة ، فتعجّب الحاضرون من فراسة السيّد.
وأمّا في المنهج العملي :
بداية كان في ضبط نصوص متن الكتاب وتقويمها ، ولشهرة الكتاب وكاتبه ولمكانته وأهميته فقد وجدت له نسخا خطيّة كثيرة ، ونظرا لتداوله كثيرا بين أيدي العلماء والطلاب الفضلاء ، وكما يقال : قد عنى بتدريسه واتقانه والتفنّن في فروعه وأغصانه جملة العلماء الأخيار وكافة فضلاء الأعصار في هذه الأمصار ، وأيم الله إنّه لحقيق بذلك ، بل فوق ذلك حيث إنّه من جهة استحكام مطالبه ومآربه مفيد في الغاية لقوّة التصرّف في ميدان الأفكار ، ومشحّذ الأذهان في مقام يريح الأنظار بحيث لا يليق غيره بالتدريس عند الفحول ، وهو الغاية القصوى في متن علم الأصول.
وهذا كلّه ساعد في أن تكون نسخه كلّها متقاربة مضبوطة ومحفوظة من كثير الأخطاء وكبيرها ، فالمشهور ليس كالمجهول يمكن التلاعب في ألفاظه.
ورغم ذلك فقد كنت أتفحّص بعضها عند ما أحسّ بشبهة ، فأقف عندها حتى أصل لحلّها أو لمخرج لها.
وكان جلّ عملي على نسخ ثلاث خطيّة هي للمجلّد الأوّل في مباحث الألفاظ والأدلّة الشرعيّة ، نسخة بخط عبد الرحيم بن محمد تقي التبريزي والمصحّحة أصلا وفرعا من محمد علي والميرزا رضا والمطبوعة في سنة ١٢٩٠ للهجرة ،