قال المحقّق رحمهالله في «الشرائع» (١) في كتاب الأيمان : إطلاق العقد ينصرف الى العقد الصحيح دون الفاسد ، ولا يبرّ بالبيع الفاسد لو حلف ليبيعنّ ، وكذا غيره من العقود.
وقال الشهيد الثاني رحمهالله في «شرحه» (٢) : عقد البيع وغيره من العقود حقيقة في الصحيح مجاز في الفاسد ، لوجود خواصّ الحقيقة والمجاز فيهما ، كمبادرة المعنى الى ذهن السّامع عند إطلاق قولهم : باع فلان داره وغيره ، ومن ثمّ حمل الإقرار به عليه حتى لو ادّعى إرادة الفاسد لم يسمع إجماعا ، وعدم صحّة السّلب وغير ذلك (٣) من خواصّه (٤) ، ولو كان مشتركا بين الصحيح والفاسد لقبل تفسيره بأحدهما (٥) كغيره من الألفاظ المشتركة ، وانقسامه الى الصّحيح والفاسد أعمّ من الحقيقة.
أقول : ويمكن حمل كلام المحقّق على ما ذكرنا من أنّ الظاهر والغالب في المسلمين إرادة الصحيح ، فينصرف إليه ، لا لأنّ اللّفظ حقيقة فيه فقط ، فلا ينصرف الى غيره لكونه مجازا.
وأمّا ما ذكره الشّارح من دعوى التبادر ، فإن أراد به ما ذكرنا فلا ينفعه ، وإن أراد كونه المعنى الحقيقي ، ففيه المنع المتقدّم ، وعدم سماع دعوى الفساد في صورة الإقرار أيضا لما ذكرنا كنظائره.
__________________
(١) «شرائع الاسلام» : ٣ / ١٧٧.
(٢) «مسالك الأفهام» : ١١ / ٢٦٣.
(٣) كالاطراد.
(٤) خواص المعنى المشترك.
(٥) أي لو كان البيع مشتركا بين الصحيح والفاسد لقبل تفسير من أقرّ ببيع داره بالفاسد بأن يقال أردت بالبيع المذكور في هذا الإقرار هو الفاسد لا الصحيح كما هو تفسيره في غير البيع من الألفاظ المشتركة بأحد المعنيين ، فعدم سماع التفسير قرينة مرشدة على انّه لا يكون مشتركا بينهما.