وأمّا تمسّكه بعدم صحّة السّلب ، فلم أتحقّق معناه ، لأنّا لا ننكر كونه حقيقة ، إنّما الكلام في الاختصاص وهو لا يثبته.
وأمّا قوله رحمهالله : وانقسامه الى الصحيح والفاسد أعمّ من الحقيقة ، فإن أراد أنّ التقسيم ليس بحقيقة في تقسيم المعنى فيما أطلق المقسّم ، بل أعمّ من تقسيم اللّفظ والمعنى.
ففيه : أنّ المتبادر من التقسيم هو تقسيم المفهوم والمعنى ، لا ما يطلق عليه اللّفظ ولو كان مجازا ، وإن أراد أنّ الدّليل لمّا دلّ على كون الفاسد معنى مجازيّا فلا بدّ أن يراد من المقسّم معنى مجازيّ يشملهما ، فهو مع أنّه لا يساعده ، ظاهر كلامه رحمهالله أوّل الكلام.
الثالث : أنّ الدّخول في العمل على وجه الصحّة يكفي في كونه صحيحا.
أقول : والأظهر عدم الاكتفاء ، فإنّ الدّخول على وجه الصّحيح غير الإتيان بالفعل الصّحيح ، والمفروض أنّ الحلف إنّما وقع على الثاني ، فإنّ الصلاة والصيام ليسا من باب القرآن المحتمل وضعه للمجموع ، وللكلام المنزل على سبيل الإعجاز المتحقّق في ضمن كلّ من أبعاضه ، بل هما اسمان للمجموع ، وعلى ما ذكره يلزم الحنث وإن لم يتمّها فاسدا أيضا وهو كما ترى ، بل هذا لا يصحّ على المختار أيضا ، بل يمكن أن يقال : إنّه لا يحصل الحنث على المختار لو أتمّه فاسدا أيضا عالما بالفساد لما ذكرناه في توجيه كلامه رحمهالله ومن وافقه ، من إرادة الصحيحة في أمثال ذلك وإن بني على المختار.
إذا عرفت هذا (١) ، فاعلم أنّ الظاهر أنّه لا إشكال في جواز إجراء أصل العدم في ماهيّة العبادات (٢) كنفس الأحكام والمعاملات ، بل الظاهر أنّه لا خلاف فيه
__________________
(١) أي إذا عرفت الخلاف في الأسماء من أنّها أسامي للصحيحة أو الأعم والتحقيق فيه والمختار منه.
(٢) أي في مقام اثباتها.