كما يظهر من كلمات الأوائل (١) والأواخر ، ولم نقف على تصريح بخلافه في كلام الفقهاء.
وأمّا ما نراه كثيرا في كلماتهم من التمسّك بالاحتياط واستصحاب شغل الذمّة ، فهو إمّا مبنيّ على مسألة الاحتياط والقول بوجوبه وستعرف ضعفه ، أو تأييد الدّليل به ، فلاحظ «الانتصار» (٢) وقد يتمسّك بالإجماع وطريقة الاحتياط في إثبات أصل الحكم كما تمسّك به (٣) في وجوب صلاة العيدين ، خلافا للشافعي ، وفي مسألة المنع عن صلاة الأضحى (٤) وغير ذلك.
وأمّا استدلالهم بالأصل في ماهيّة العبادات فهو فوق حدّ الإحصاء ، وكيف كان فالمتّبع هو الدّليل ، ولا ينبغي التوحّش مع الانفراد إذا وافقنا الدليل ، فكيف وجلّ الأصحاب إن لم نقل كلّهم متّفقون في عدم الفرق ، فمن يعمل بالأصل لا يفرّق بين العبادات وغيرها.
فنقول : إنّ من اليقينيّات أنّا مكلّفون بما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأحكام والشرائع والعبادات ، أو كما أنّ سبيل القطع بمعرفة الأحكام كما وردت منسدّ لنا ، فكذلك بمعرفة ماهيّة العبادات ، وكما يمكن أن يقال : التكليف بالعبادات أمر بشيء غير معلوم لنا ولا يحصل الامتثال بها إلّا بإتيانها بماهيّاتها كما وردت ، وكما أنّ
__________________
(١) وهذه الدعوى غير مسموعة كما في الحاشية.
(٢) للسيّد المرتضى رحمهالله.
(٣) بالاجماع وطريقة الاحتياط.
(٤) ونقل في بعض النسخ صلاة الضحى ويمكن أن تكون هي الأصح فلا يرمى حينئذ قائلها بمخالفة الاجماع كما في «كشف اللّثام» ٣ / ٨٩ ، لأنّ صلاة الضحى بدعة بينما الأضحى ليست كذلك.