فلا رخصة لنا في استعمال اللّفظ بعنوان الحقيقة إلّا في المعنى حالة الوحدة لا بشرط الوحدة.
الثالثة : المجاز مثل الحقيقة في أنّه لا يجوز التعدّي عما حصل الرخصة من العرب في نوعه ، فإنّ الحقيقة كما أنّها موضوعة بوضع شخصي ، فالمجاز موضوع بوضع نوعي ، ولا بدّ من ملاحظة الوضع النوعي أيضا ، وأنّ الرخصة في أي نوع حصل.
والحاصل ، أنّه لا يجب الرخصة من العرب في كلّ واحد من الاستعمالات الجزئية إذا حصل الرخصة في كليها ، وهذه الرخصة ليست بنصّ من العرب وتصريح منه ، بل يحصل لنا من استقراء استعمالاته الجزئية ، العلم بتجويزه لهذا النوع من الاستعمالات في ضمن أيّ فرد من أفراد ذلك النوع ، وقد ذهب المحقّقون من علماء الأدب (١) الى عدم وجوب الرّخصة في الجزئيّات.
إذا عرفت هذا ، فاعلم ، أنّه قد يوجد تلك الاستعمالات في جزئيّات صنف من أصناف نوع من أنواع العلاقات المعتبرة في المجاز أو نوع من أنواع جنس منها ، ولم يوجد في صنف آخر من ذلك النّوع ولا نوع آخر من ذلك الجنس. فالذي نجد الرّخصة من أنفسنا هو الحكم بالتجويز فيما لم نطّلع عليه من سائر جزئيّات ذلك الصّنف المستعمل في بعضها بسبب استقراء ما وجد فيه الاستعمال ، لا في جزئيّات الصّنف الآخر (٢) ، وهكذا الكلام في النوع من الجنس.
مثلا إذا رأينا العرب يستعمل اللّفظ الموضوع للجزء في الكلّ ، لكنّا وجدنا ذلك فيما كان للكلّ تركّب حقيقي خارجي ، وكان الجزء ممّا له قوام في تحقّق الكلّ ،
__________________
(١) المقصود أعمّ من علماء المعاني والبيان وغيرهما.
(٢) كاستعمال الأصبع في الانسان وهو غير صحيح.