كالرّقبة في الإنسان والعين في الربيئة (١) ، فلا يجوز القياس باستعمال سائر الأجزاء في المركّبات الحقيقيّة ، وجميع الأجزاء في المركّبات الاعتبارية.
وكذلك وجدنا أنّهم يستعملون اللّفظ الموضوع للكلّ في الجزء ، إذا كان المركّب مركّبا حقيقيّا ، كالأصابع في الأنامل في قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ)(٢) ، واليد في الأصابع الى نصف الكفّ في آية السّرقة ، والى المرفق في آية الوضوء ، والى الزّند في آية التيمم (٣) ، فلا يجوز القياس في غير المركّبات الحقيقية.
وأيضا إنّا وجدنا العرب تستعمل الألفاظ الموضوعة للمعاني الحقيقية في المعاني المجازية مع القرينة الصارفة منفردا منفردا ، أعني لا يريد في الاستعمال الواحد إلّا معنى مجازيا واحدا.
وبالجملة ، المجازات المستعملة وحداني غالبا ، ولم يحصل لنا العلم بترخيصهم في استعمال اللّفظ في مجازين ، وعدم العلم بالرّخصة كاف في عدم جواز الاستعمال ، فإنّ جواز الاستعمال مشروط بحصول العلم أو الظنّ بالرّخصة.
الرابعة : المتبادر من التثنية والجمع هو الفردان ، أو الأفراد من ماهيّة واحدة لا الشيئان أو الأشياء المتّفقات في الإسم ؛ فيكون حقيقة في ذلك ، فإنّ التبادر علامة الحقيقة ، وتبادر الغير من علائم المجاز.
__________________
(١) والمقصود منها المراقب والحارس.
(٢) البقرة : ١٩.
(٣) كقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما). المائدة / ٣٨ في آية السّرقة.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ). المائدة / ٦ في آية الوضوء. وقوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ). المائدة / ٦ في آية التيمم.