ولا يخفى أنّ إرادة كلّ واحد من الأفراد في ضمن العامّ ليس بإرادة ممتازة عن غيره ، بل المراد كلّ واحد منها بعنوان الكلّ الأفرادي ، وليس هنا إرادتان متضامّتان فيعود المحذور من لزوم اجتماع المتنافيين.
نعم ، له وجه إن أريد من البدليّة إرادة هذا وهذا ، لا كلّ واحد كما هو التحقيق ، مع أنّ من الظاهر أنّ الاستعمال لا تعدّد فيه. وظاهر كلمات علماء البيان أنّ المجاز يستلزم قرينة معاندة لاستعمال اللّفظ في المعنى الحقيقي ، فالاستعمال واحد وإنّما هو لأجل الدّلالة على المعنى ، والإرادة تابعة له.
واحتجّ من قال بالجواز (١) : بعدم تنافي إرادة الحقيقة والمجاز معا ، فإذا لم يكن هناك منافاة ، فلم يمتنع اجتماع الإرادتين عند المتكلّم.
ويظهر جوابه ممّا تقدّم (٢) ، ولعلّه نظر الى تعدّد الإرادة ، وقد عرفت بطلانه.
وزاد من قال مع ذلك بكونه حقيقة ومجازا : بأنّ اللّفظ مستعمل في كلّ واحد من المعنيين ، فلكلّ واحد من الاستعمالين حكمه (٣).
وفيه : مع ما عرفت ، أنّ الاستعمال لا تعدّد فيه ، مع أنّه لو صحّ فإنّما يتمّ على القول بكون اللّفظ موضوعا للمعنى لا بشرط ، وقد عرفت بطلانه.
واحتجّ من قال بكونه مجازا : بأنّ ذلك يستلزم سقوط قيد الوحدة المعتبرة في الموضوع له ، فيكون مجازا. يعني : إنّ المعنى الموضوع له هو المعنى الحقيقي وحده ، فإذا أريد كلّ واحد من المعنيين على سبيل الكلّ الأفرادي ـ كما هو محلّ
__________________
(١) وحجّة المجوّزين قد ذكرها في «المعالم» ص ١١٠.
(٢) وهو أنّ أوضاع الحقائق والمجازات وحدانية نظرا الى التوظيف والتوقيف ، فجواز الإرادتين في نفس الأمر عقلا لا يثبت جواز ما هو معروف على النقل والرخصة ، أعني جواز الارادتين عند التكلّم.
(٣) وفي «المعالم» ذكرها أيضا ص ١١٠.