وأمّا في الفعل ؛ فبمقتضى الوضع الأوّل ، وهو بعيد ، فإنّ غاية ما يمكن أن يدّعى فيه الوضع الثانوي والتبادر من جهته إنّما هو الحال ، فتأمّل ، فإنّ ذلك أيضا لا ينطبق على الزّمان المعهود كما ذكرنا ، بل المتبادر هو التلبّس.
والحاصل ، أنّ تحقّق المبدا شرط في صحّة الإطلاق حين النّسبة ، كالجوامد بعينها (١) ، فلا يقال للهواء المنقلب عن الماء هو ماء حقيقة.
ومرادنا من هذه النّسبة أعمّ من الخبرية الصّريحة أو اللّازمة للنّسبة التقييدية ، فإنّ قولنا : رأيت ماء صافيا يتضمّن النّسبة الخبريّة ويستلزم الإخبار عن الماء بالصّفاء ، فيلاحظ حال هذه النّسبة ، ويعتبر الاتّصاف بالمبدإ حين تحقّق هذه النسبة وذلك فيما نحن فيه في الزّمان الماضي ، فهو حقيقة وإن صار في زمان التكلّم كدرا. وقد يكون كذلك في الحال ، وقد يكون في الاستقبال ، كقولك : سأشتري خمرا ، فإنّه حقيقة وإن كان ما سيشتريه لم يصر حين التكلّم خمرا.
حجّة القائلين بكونه حقيقة : أنّ المشتقّ قد استعمل في الأزمنة الثّلاثة والأصل في الاستعمال الحقيقة ، خرج الاستقبال بالاتّفاق (٢) وبقي الباقي.
وفيه : أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة كما بيّنّا سابقا.
وقد استدلّ بعضهم بعد الاستدلال بذلك ، بأنّ معنى المشتق من حصل له المشتقّ منه ، أي خرج من القوّة الى الفعل ، فيشمل الماضي حقيقة.
__________________
(١) ولا يخفى أنّ نحو كلام المصنف في قياس ما نحن فيه بالجوامد كلام المدقق الشيرازي وفيه دلالة واضحة على خروج الجوامد عن محلّ النزاع في المقام ، ويظهر من جمال العلماء جريان النزاع في الجوامد أيضا ، على ما أفاده في الحاشية.
(٢) ذكره الشيخ البهائي في «الزّبدة» ص ٦٠.