يستدلّون باستعمال النّحاة ، فإنّهم يستعملونه في الماضي وفي الحال وفي الاستقبال ولا يريدون به المعنى الأعمّ جزما.
الثالث : أنّه إذا كان جسم أبيض ثمّ صار أسودا ، فينعدم عنه حينئذ مفهوم الأبيض جزما ، وإلّا للزم اجتماع المتضادّين ، فإطلاق لفظ الأبيض حين انعدام مفهومه ، إطلاق على غير ما وضع له.
ويرد عليه : أنّه إنّما يسلم لو لم يكن مراد من لا يشترط بقاء المبدا هو المعنى العامّ وإلّا فلا منافاة حينئذ ولا يلزم اجتماع الضدّين.
الرابع : انّا لا نفهم من لفظ المشتقّ إلّا الذّات المبهمة والحدث والنسبة ، ولكن يتبادر منه حصول المبدا في زمان صدق النّسبة الحكميّة (١). ولا يذهب عليك أنّ هذا الزمان ليس بأحد من الأزمنة المعهودة ، بل هو أعمّ من الجميع ، فلسنا ندّعي دلالته على زمان ، كيف وقد أجمع أهل العربيّة على أنّ الدّال على الزّمان إنّما هو الفعل ، ألا تراهم أنّهم يقيّدون حدّ الفعل بأنّه ما يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ليخرج اسم الفاعل وما في معناه!
ولا منافاة بين ذلك ، وبين ما يقولون : إنّ اسم الفاعل بمعنى الحال والاستقبال يعمل عمل النّصب ، وبمعنى الماضي لا يعمل ، فإنّ مرادهم بالاقتران بأحد الأزمنة في حدّ الفعل إنّما هو بسبب الوضع.
ومرادهم في اسم الفاعل إنّما هو بالقرينة فيكون مجازا.
وقد يوجّه بأنّ هذا هو مقتضى الوضع الثانوي الحاصل بسبب كثرة الاستعمال.
__________________
(١) أي التقييدية الناقصة بين الضرب وذات ما ثبت هو له ، يعني شرط تلك النسبة أن يوجد في زمانها معنى المبدا تحقيقه بحيث يصدق عليه أنّه ضرب في ذلك الحين.
هذا كما في الحاشية.