العرفي ، إذ الاستعلاء ظاهر في الإلزام ، إذ لا معنى لإظهار العلوّ في المندوب ، وإدّعائه كما لا يخفى ، وهو الأظهر عندي (١) للتبادر وللآيات والأخبار مثل : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) الخ (٢) و : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)(٣) ، و : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك» (٤) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبريرة بعد قولها : أتأمرني يا رسول الله؟ حيث طلب صلىاللهعليهوآلهوسلم مراجعتها إلى زوجها : لا ، بل إنّما أنا شافع (٥).
فكلّ ما ثبت كونه أمرا وصدق عليه هذا المفهوم ، يستفاد منه الوجوب ، لأنّ كون المشتقّات من هذا المبدا حقيقة في الوجوب ، وكون المبدا أعمّ كما ترى ، فالوجوب مأخوذ في مفهوم الأمر.
فالتعريف الأوّل مناسب لمعناه العرفي المتبادر منه ، ومن يقول بعدم إفادته الوجوب ولا يأخذ الوجوب في مفهوم الأمر ، فهو إمّا ممّن يقول بأنّ الأمر هو الطلب من العالي لا من حيث إنّه مستعل ، وقد عرفت بطلانه ، أو يأخذ الاستعلاء في مفهوم النّدب أيضا ويجعله أعمّ من الندب ، وستعرف بطلانه.
__________________
(١) بل عند جماعة من المحققين كما عن العلّامة في «التهذيب» ص ٩٦ والكرخي وأبي بكر الرّازي والفخري ، ووافقهم الشيخ البهائي كما في «الزبدة» ص ١١٣ ومن تبعه ، خلافا للشهيد في «التمهيد» ص ١٢١ والحاجبيين ، وذكر في «التمهيد» في القاعدة ٣١ ، الأقوال في المقام.
(٢) النور : ٦٣.
(٣) الاعراف : ١٢.
(٤) «من لا يحضره الفقيه» : ١ / ٣٤ الحديث ١٢٣ ، «الوسائل» : ٢ / ١٧ الحديث ١٣٤٦.
(٥) «صحيح البخاري» : ٧ / ٦٢ ، «سنن ابن ماجة» : ١ / ٦٧١ الحديث ٢٠٧٥ ، «الذريعة» : ١ / ٥٨.