وكذلك النّهي.
وفيه (١) : أنّ ذلك يستلزم تفاوت مدلولات الموادّ المستقرأة فيها ، إذ الفرق واضح بين هو حرّ ، وهي طالق ، وبين الاستفهام ، والقدر المشترك لا يثبت المطلوب ، إلّا أن يقال أنّ المعلوم من هذه الموادّ إرادة أحد المعنيين ، إمّا حصول مدلولها مقارنا لحصولها ، أو في الآن المتّصل بها ، ولمّا لم يكن الأوّل في الأمر ، فتعيّن الثاني.
والتحقيق : أنّ مطلوب المستدلّ ، إن كان أنّه حصل له من الاستقراء أنّ النسب الخبرية والإنشائية الصادرة عن المتكلّم حاصلة في الحال الحاضر ، فهو لا يجديه. لأنّه لا إشكال في أنّ النسبة الإنشائية في الأمر ، وهي الطّلب القائم بنفس المتكلّم ، حاصلة في الحال ، فلا يمكن النزاع فيه.
وإن كان أنّ مفاد تلك الجمل ومدلولاتها حاصلة في الحال ، كقيام زيد وعلم عمرو وطلاق هند وحريّة بلال فهو ، مع أنّه منقوض بمثل : كان زيد قائما ، وعمرو سوف يجيء ، وموقوف على كون المشتقّ حقيقة في الحال المقابل للاستقبال ، لا حال التلبّس كائنا ما كان ، وقد عرفت أنّ التحقيق خلافه ، لا يمكن الوثوق على مثل هذا الاستقراء في إثبات اللّغة.
وهناك طريق آخر يمكن إثبات المطلوب به ، وهو أنّ النّحاة ذكروا أنّ الأمر للحال ، وغرضهم من اقتران معنى الفعل بأحد الأزمنة هو المعنى الحدثي ، وإن شئت قلت : انتسابه الى الفاعل مقترن بأحد الأزمنة ، وأمّا نسبة المتكلّم فكلّها واقعة في حال التكلّم ، فعلى هذا إذا انضمّ الى ذلك أصالة عدم النّقل ، فيثبت كونها للحال لغة ، فيثبت الفور.
__________________
(١) أي في الردّ الأخير.