نصّ ، فإنّ منهم من قال فيه بالتحريم ، ومنهم من قال غير ذلك (١) ، فيما يتوهّم (٢) من أنّ المراد رجوع الحرمة المنسوخة (٣) مثلا ، لو فرضت ثبوتها قبله أيضا باطل.
وبالجملة ، المراد عدم بقاء الجواز المستفاد من الأمر بالدّلالة التضمّنيّة مطلقا ، لا رجوع الحكم السّابق ، وإن كان حكما شرعيّا منسوخا.
ومحلّ النزاع ما إذا قال : نسخت الوجوب أو رفعته ، أو : نسخت المنع عن الترك ، ونحوها. أمّا لو حرّمه أو صرّح بنسخ مجموع مدلول الأمر ، فلا إشكال.
احتجّوا على بقاء الجواز (٤) : بأنّ الأمر الإيجابيّ دلّ على الجواز مع المنع من الترك ، فالمقتضي للجواز موجود ، ونسخ الوجوب لا يحصل معه اليقين برفعه ، لحصول معناه برفع المنع عن التّرك ، فإنّ رفع المركّب يحصل برفع أحد جزءيه ، وعدم بقاء الجنس مع انعدام الفصل إنّما يسلم لو لم يخلفه فصل آخر ، ولا ريب أنّ رفع المنع عن التّرك يستلزم جواز الترك ، فمع انضمامه الى جواز الفعل ، يحصل الإباحة.
وفيه : أنّ الجنس والفصل وجودهما في الخارج متّحد ، ووجودهما إنّما هو في ضمن الفرد ، فلا معنى للتفكيك بينهما ، مع أنّ المحقّقين منهم (٥) صرّحوا بكون الفصل علّة لوجود الجنس (٦) ، مع أنّ الأحكام منحصرة في الخمسة ، فلا يتصوّر
__________________
(١) وهو مذهب أصحابنا ومعتزلة بغداد ، والإباحة مذهب أكثر أصحابنا ومعتزلة البصرة ، والوقف مذهب الشيخ المفيد وبعض العامة كما ذكر في الحاشية.
(٢) راجع في «المعالم» : ص ٢٣٢.
(٣) هذا الكلام كأنّه ردّ على سلطان العلماء في حاشيته ص ٢٩١ على «المعالم».
(٤) وكذا ذكر في «المعالم» : ص ٢٣٤ مع تصرّف في العبارات.
(٥) وقد ذكره في «المعالم» : ص ٢٣٤ بقوله : كما نصّ عليه جمع من المحقّقين.
(٦) قال المحقّق الاصفهاني في «هدايته» : ٢ / ٦٤٨ : كأنّ مرادهم بعلّية الفصل للجنس ـ