الثالث : أنّ السيّد إذا أمر عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ثمّ خاطه في ذلك المكان ، فإنّا نقطع أنّه مطيع عاص لجهتي الأمر بالخياطة والنّهي عن الكون(١).
وأجيب عنه : بأنّ الظاهر في المثال المذكور إرادة تحصيل خياطة الثوب بأيّ وجه اتّفق سلّمنا ، لكنّ المتعلّق فيه مختلف ، فإنّ الكون ليس جزء من مفهوم الخياطة بخلاف الصلاة سلّمنا ، لكن نمنع كونه مطيعا والحال هذه ، ودعوى حصول القطع بذلك في حيّز المنع ، حيث لا نعلم إرادة الخياطة كيفما اتّفقت (٢).
وفيه (٣) : أنّ هذا الكلام بظاهره مناقض لمطلب المجيب (٤) من تعلّق الحكم بخصوصيّة الفرد ، فإنّ إرادة الخياطة بأيّ وجه اتّفق ، هو معنى كون المطلوب هو الطبيعة.
وأيضا فإنّما الكلام في جواز اجتماع الأمر والنّهي في نفس الأمر عقلا وعدمه ، والظهور من اللّفظ لا يوجب جوازه إذا كان مستحيلا عقلا ، اللهمّ إلّا أن يقال : مراد المجيب ، أنّ وجوب الخياطة توصّليّ ، ولا مانع من اجتماعه مع الحرام ، وهذا معنى قوله : بأيّ وجه اتّفق.
وفيه : ما أشرنا من أنّ المحال وارد على مذهب المجيب في صورة الاجتماع ، توصّليّا كان الواجب أو غيره. نعم يصير الحرام مسقطا عن الواجب ، لا انّ الواحد يصير واجبا وحراما ، وليس مناط الاستدلال نفس الصحّة بأن يتمسّك بها في
__________________
(١) الوجه الأوّل فيما احتجّ فيه المخالف نقله في «المعالم» : ص ٢٤٧.
(٢) وهذا الجواب في «المعالم» : ص ٢٤٨.
(٣) جواب عن الايراد الأوّل.
(٤) وهو صاحب «المعالم».