الإشكال في إطلاق الشرط على السّبب (١).
والظاهر أنّه (٢) لأنّ قولنا : مفهوم الشّرط حجّة ، معناه مفهوم الجملة الشرطيّة أي ما يقول له النحاة شرطا ، وهو الواقع بعد إن وأخواته معلّقا عليه حصول مضمون الجملة التي بعده كما هو محلّ نزاع الأصوليين ، كما يشهد به قولهم : الأمر المعلّق بكلمة إن عدم عند عدم شرطه ، ونحو ذلك ، لا إذا كان ذلك الواقع بعد إن وأخواته شرطا اصوليّا أيضا. فإنّ الواقع بعد هذه الحروف قد يكون شرطا وقد يكون سببا ، فكما يجوز أن يقال : إن قبضت في المجلس يصحّ الصّرف ، يجوز أن يقال : إذا غسلت ثوبك من البول فيطهر ، مع انّه إذا كان ذلك الواقع شرطا اصوليّا فلا معنى لكون انتفاء الحكم بانتفائه مفهوما له ، بل هو معنى الشرط نفسه.
فالحاصل ، أنّ حدوث تلك الهيئة (٣) يغيّره عن معناه ويصيّره سببا على الظاهر.
فقولهم : مفهوم الشّرط حجّة ، معناه أنّ ما يفهم من تلك الجملة الشرطيّة التي يسمّونها النحاة شرطا في محل السّكوت ، حجّة.
وبعبارة اخرى ، تعليق الحكم على شيء بكلمة إن وأخواتها ، يفيد انتفاء الحكم بانتفاء ذلك القيد بدلالة التزاميّة لفظية بيّنة ؛ فيكون حجّة ، سواء فهم منه الشرطيّة المصطلحة للأصوليّين أو السّببيّة ، فلا منافاة إذن بين الشرطيّة والسّببيّة لتغاير الموضوعين بالنظر الى الاصطلاح.
__________________
(١) للمنافاة بين الشرط والسبب ، إذ الشرط في مصطلحهم كما مرّ هو ما يستلزم انتفاؤه انتفاء المشروط به ولا يستلزم وجوده وجود المشروط ، والسبب هو ما يستلزم وجوده الوجود أيضا.
(٢) هذا دفع للإشكال ، والضمير في أنّه راجع الى قوله : اطلاق الشرط على السّبب.
(٣) وهي الهيئة الشرطية.