تعدّد الأسباب ، بل العكس أولى بالإذعان كما يشهد به قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ)(١).
ففيه أوّلا : أنّه ناشئ من الخلط بين الاصطلاحين.
وقوله : بل العكس أولى.
فيه : أنّ العكس هو كون انتفاء الثاني علّة لانتفاء الأوّل ، ولم يقل به أحد (٢) ، بل هو علّة للعلم بانتفاء الأوّل ، فلا وجه لهذا الكلام بظاهره.
وثانيا : أنّ المراد انحصار السّبب في الظّاهر.
وثالثا : أنّ الأصل عدم سبب آخر ، وإذا علم له سبب آخر فالسّبب هو أحدهما لا بعينه لا معيّنا.
ومن هذا الباب : «لو لا عليّ لهلك عمر» (٣) ، وقول الحماسي :
ولو طار ذو حافر قبلها |
|
لطارت ولكنّه لم يطر (٤) |
فإنّ رفع المقدّم لا ينتج رفع التالي على قاعدة أهل الميزان ، وحينئذ يبقى
__________________
(١) الانبياء : ٢٣.
(٢) قال في الحاشية : يعني لا في مصطلح أهل العربية ومتعارف لسان العرب ولا في قاعدة أهل الميزان ، أما الأوّل فظاهر ، وأما الثاني فلما تقدم من أنّهم يقولون إنّ انتفاء الثاني دليل على العلم بانتفاء الأوّل ، فإنّ انتفاءه علّة لانتفاء الأوّل ، اللهم إلّا أن يكون مراد الحاجبي أيضا ذلك وأنّ كلامه على تقدير الحذف والاضمار ولهذا قال : فلا وجه لهذا الكلام بظاهره.
(٣) «ذخائر العقبى» : ٨٠ ، «مناقب الخوارزمي» : ٨١ ح ٦٥ ، «شرح نهج البلاغة» : ١ / ١٨ و ١٤١ ، «الرياض النضرة» : ٢ / ١٦٣.
(٤) فإنّ معناه عدم طيران تلك الفرس بسبب انّه لم يطر. وحافر قبلها دليل على عدم طيران تلك الفرس ، فإنّ رفع المقدم لا ينتج رفع التالي على قاعدة أهل الميزان قطعا.