ظنّ المجتهد بعد انسداد باب العلم ، هو حكم الله الظاهري بالنسبة إليه ، كالتقيّة في زمان المعصوم ، فإذا سمع المكلّف من لفظه يحصل العلم به مع أنّه ليس بحكم الله النفس الأمريّ ، ولكن هو حكم الله بالنسبة إليه ، والى ذلك ينظر قول من قال (١) : إنّ الظنّ في طريق الحكم لا في نفسه ، وإنّ ظنيّة الطريق لا ينافي قطعيّة الحكم ، وذلك لا يستلزم التصويب كما توهّمه بعض الأصحاب (٢).
__________________
ـ لعنوانها الخاص. ويقابلها الحكم الظاهري ، وهو عبارة عما يتعلّق بها ، بوصف كونها مجهول الحكم بالنظر الى الواقع أي لجهالة حكمها الواقعي بالمعنى المقابل للعلم اليقيني ، سواء كان مشكوكا فيه بمعنى تساوي الطرفين كما في موارد الأصول العلمية من أصل الإباحة وأصل البراءة والاستصحاب وأصل الاشتغال أو مظنونا كما في موارد الأدلّة الظنيّة المفيدة للظنّ بحكم الله الواقعي ، ولذا يقال انّ ظنّ المجتهد بعد انسداد باب العلم هو حكم الله الظاهري في حقه. كما أفاده القزويني أعلى الله مقامه. هذا وفي جعل التقيّة حكما ظاهريّا خروج عن الاصطلاح ، بل هو نوع من الحكم الواقعي ، غير أنّه واقعي ثانوي قبالا للواقعي الأوّلي ، ولذا قد يجامع العلم بالواقعي الأوّلي ولا يعتبر فيه الجهل بالحكم الواقعي الذي هو معتبر في الحكم الظاهري ، فعلى هذا جعل التقيّة حكما ظاهريا فيه كلام.
(١) كالعلّامة.
(٢) والذي توهم الاستلزام «في المعالم» ص ٧١ في حد الفقه الذي اعترض على العلّامة حيث أجاب عن الاشكال من أنّ الظنّ في طريق الحكم لا فيه نفسه ، وظنيّة الطريق لا تنافي علمية الحكم. أي جعل الطريق الى الحكم الشرعي من الأدلّة الظنيّة كالكتاب وغيره. وانّ ظنيّة هذه الأدلّة الناظرة الى الواقع لا تنافي قطعيّة الحكم الظاهري ، وصيرورة المظنون حكما واقعيا في حقه بعنوان القطع ، وهذا عين مذهب المصوّبة القائل بأن ليس لله تعالى سبحانه في الوقائع قبل اجتهاد المجتهد حكم معيّن ، فإذا اجتهد وأدّى اجتهاده الى الظنّ يصير ذلك المظنون حكما واقعيا في حقه وحق مقلّده ، وليس هذا مراده رحمهالله. والظاهر انّ مراده انّ لله تعالى أحكاما واقعية يشترك فيها العالم والجاهل ، وجعل ظنّ المجتهد حكما ظاهريا.