على زيد ، له جهتان : من إحداهما مجاز وهو إطلاقه عليه من حيث إنّه رجل شجاع ، ومن الاخرى حقيقة وهو إطلاقه عليه من حيث إنّه فرد من أفراد الرّجل الشجاع ، وهذا الأخير بعد جعل الأسد عبارة عن الرّجل الشجاع ، ففي هذا المثال لم يوجد الحمل المتعارفي للمعنى الحقيقي بالنسبة الى زيد من حيث إنّه رجل شجاع ، بل حمله ذاتي ، فإنّ الرجل الشّجاع ليس من أفراد المعنى الحقيقي إلّا على مذهب السّكاكي من باب الادّعاء ، حتّى يمكن أن يقال : حمل الأسد عليه لا يفيد انحصار أفراده فيه.
فظهر أنّ إطلاق المعنى الحقيقي على المعنى المجازي ليس إلّا من باب الحمل الذّاتي ، فإذا كان من باب الحمل الذّاتي فهو يفيد كونهما موجودا واحدا إدّعاء ، وهذا معنى انحصار المحمول في الموضوع وانحصار المستعمل في المستعمل فيه. وإذا عرفت هذا في الاستعارة يظهر لك الحال في غيرها من أنواع المجاز ، فإنّ قولنا : رعينا الغيث ، أطلق فيه الغيث على النبات (١) بعنوان الحمل الذّاتي إدّعاء. يعني أنّ النبات غيث لا بمعنى أنّه فرد من أفراد الغيث الحقيقي ، بل هو هو.
نعم ، لمّا أريد منه النبات الخاصّ الذي رعوه ، فإطلاق الغيث بعد جعله بمعنى النبات على الفرد ، حقيقة من باب إطلاق الكليّ على الفرد بالحمل المتعارفي ، ولا منافاة بين كون اللّفظ مجازا في معنى ، وحقيقة في حمله على بعض أفراد ذلك المعنى المجازي من جهة إطلاق الكلّي على الفرد.
إذا تحقّق لك هذا ؛ فاعلم أنّ استعمال العامّ في الخاصّ ـ يعني الكليّ في الفرد ـ
__________________
(١) فإنّ هذا الاطلاق المجازي من باب تسمية المسبّب باسم سببه لأنّ النبات سبب عن الغيث والغيث سببه.