بحمار ، ولا يصحّ أن يقال : ليس برجل ولا ببشر أو بإنسان.
وفيه : أنّ ذلك مجرّد تغيير عبارة ولا يدفع السّؤال (١) فإنّ معرفة ما يفهم من اللّفظ عرفا مجرّدا عن القرائن هو بعينه معرفة الحقائق سواء اتّحد المفهوم العرفي وفهم معيّنا أو تعدّد بالاشتراك ففهم الكلّ إجمالا وبدون التعيين ، وذلك يتوقّف على معرفة كون المستعمل فيه ليس هو عين ما يفهم عرفا على التعيين أو من جملة ما يفهم عرفا على الإجمال ، فيبقى الدّور بحاله (٢).
ويمكن أن يقال : لا يلزم من نفي المعاني الحقيقيّة العلم بكون المستعمل فيه مجازا ، بل يكفي عدم ثبوت كونه حقيقة لسبب عدم الانفهام العرفي ، فإذا سلب ما علم كونه حقيقة العرفي ؛ يحكم بكون المستعمل فيه مجازا ، لأنّ احتمال الاشتراك مدفوع بأنّ الأصل عدمه ، والمجاز خير من الاشتراك ، فهذه العلامة مع هذا الأصل والقاعدة يثبت المجازيّة.
وفيه : أنّه مناف لإطلاقهم بأنّ هذه علامة المجاز أو الحقيقة ، فإنّ ظاهره كونه سببا تامّا لفهم المجازية أو الحقيقية لا جزء سبب ، مع أنّ ذلك إنّما يتمّ عند من يقول بكون المجاز خيرا من الاشتراك وظاهرهم الإطلاق (٣).
__________________
(١) أي لا يدفع الدّور. ثم اعلم أنّ هذا الاعتراض إنّما نشأ من توهم أنّ عرفا قيد للفهم ، وقد عرفت أنّه قيد للصحة لا للفهم.
(٢) وقد جاء على ذكره والتعرض لهذا الجواب الاصفهاني في «هداية المسترشدين» ١ / ٢٥٩.
(٣) يعني انّ ظاهر كلمات الأصوليين في كون صحة السلب وعدمها علامتين للمجاز والحقيقة مطلق أي غير مقيّد بمجتهد دون آخر ، بل علامة عند جميعهم حتى عند السيّد المرتضى واتباعه القائلين بكون الاشتراك خير من المجاز كصاحب «المعالم» ص ١٣٣ في مبحث الاشتراك لغة.